بورتسودان شهدت المؤتمر الاقتصادي والقاهرة تستضيف ملتقى رجال الاعمال السوداني المصري الأول
خبير اقتصادي يدعو لتغيير كلي في العملة
المحفظة المليارية مهمة.. شريطة ان تكون مختلفة عن سابقتها
إغلاق المنافذ الحدودية للحد من تهريب الذهب
وزير المالية: الحرب اجبرت الدولة لاتخاذ مزيد من السياسات التقشفية
تقرير: أحمد قاسم البدوي
انطلقت بمدينة بورتسودان يوم الثلاثاء فعاليات المؤتمر الاقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب في السودان برعاية السيد رئيس مجلس السيادة ، شاركت فيه وزارات القطاع الاقتصادي وبنك السودان المركزي والجهات الحكومية المعنية كآفة والقطاع الخاص ونخبة من الخبراء من أهل الاختصاص.
وطرحت مداولات المؤتمر جملة من التحديات المتعلقة بالواقع الاقتصادي الراهن كما فتحت عدد من التساؤلات حول المعالجات والخطط الإسعافية لاقتصاد منهك بفواتير الحرب التي قاربت الدخول في العام الثاني منذ اندلاعها.
ملتقى رجال الاعمال
وفي وقت واحد تشهد العاصمة المصرية القاهرة انعقاد الملتقى المصري السوداني الاول لرجال الأعمال 2024 في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر الجاري.
وياتي الملتقى في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، وبمبادرة من سفارة جمهورية السودان في جمهورية مصر العربية، والشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة، وبالتعاون مع مركز التكامل السوداني المصري.
وأوضح بيان صادر عن اللجنة الإعلامية للملتقى ان الملتقى يأتي انفاذاً لتوجيهات القيادة السياسية في البلدين.
والذي سيُعقد تحت رعاية الفريق نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصناعة والنقل، المهندس كامل الوزير، بفندق تريومف بالقاهرة الجديدة .
ودعت سفارة السودان بجمهورية مصر العربية، والشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة، ومركز التكامل السوداني المصري، رجال الأعمال والمستثمرين من مصر والسودان للمشاركة في هذا الحدث الهام الذي يُعد فرصة فريدة لتوسيع شبكة العلاقات التجارية وزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة.
ويهدف الملتقى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات متعددة تشمل إعادة الإعمار في السودان، الأمن الغذائي لكلا البلدين، الصناعة، الزراعة، الطاقة، البنية التحتية، الصحة، التعليم، والتجارة البينية.
تداعيات الحرب:
المؤتمر الذي نظمته وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بمدينة بورتسودان جاء استجابة لضرورة حتمية فرضتها تداعيات الحرب التي أسفرت عن واقع يتطلب معالجات اقتصادية آنية عاجلة وأخرى مستقبلية متوسطة المدى لتحقيق عدة أهداف أهمها تحليل وتشخيص الوضع الاقتصادي الراهن الناجم عن تداعيات الحرب المستمرة في السودان .
وناقش المؤتمر في مداولاته أوراق العمل التي تم عرضها خلال جلسة الانعقاد، ناقش الدور المتوقع للعلاقات الاقتصادية الخارجية في تخفيف الآثار السالبة للحرب ؛ كما ناقش تفعيل الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص بغرض تعزيز التنوع وارساء دعائم الاقتصاد المستدام، كما تطرق المؤتمر لدور تفعيل نظم الحوكمة والمؤسسية في إدارة اقتصاد الدولة .
تدابير استثنائية:
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.جبريل إبراهيم قال خلال كلمته في المؤتمر أن الحرب فرضت على الوزارة ظروف تطلبت تدابير إستثنائية وأن المؤتمر الاقتصادي الأول يأتي لتقييم السياسات التي اتبعتها وزارة المالية عبر حوار شفاف يعلي مصلحة الوطن والمواطن وأن معالجة تحديات الوضع الاقتصادي تتطلب تحليلات دقيقة وعميقة يشارك فيها الخبراء والمختصين العارفين بإحتياجات معاش الناس.
مبيناً أن المؤتمر يهدف لتحليل الراهن الاقتصادي وتقديم رؤية للمعالجة، وقال جبريل إن الحرب داهمت البلاد وهي مقبلة على إصلاحات اقتصادية شملت البنى الأساسية والاستثمار في الإنسان.
مشيرا إلى إن الحرب أفسدت الخطط الطموحة وأجبرت جهاز الدولة لاتخاذ مزيد من السياسة التقشفية القاسية، التي لا تعني فقدان المصادر الإيرادية فقط بل فقدان جزءً معتبراً من رأس المال البشري وفقدان البلاد جزءً مهماً من بياناتها وذاكرتها القومية.
مشيراً إلى أن قوة الاقتصاد الريفي وإعتماد جزء كبير من المواطنين على الإنتاج الزراعي والحيواني هو ما دعم الاقتصاد الوطني ولم يتحقق لأعداء السودان ماخططوا له لإنهيار الاقتصاد ، ووصف جبريل الإنتاج الزراعي في الموسم السابق بالممتاز بكل المقاييس وأضاف بأن الإعداد يجري الآن للموسم الشتوي بما يضمن نجاحه وزيادة الإيرادات العامة للدولة ودعم القطاع الاقتصادي.
تضرر القطاع المصرفي
من جانبه أعلن محافظ البنك المركزي السوداني، برعي الصديق، أن الحرب انعكست بصورة سيئة على القطاع المصرفي والنقود، وتعرض مقر مطابع العملة في الخرطوم إلى النهب وطال حتى الأوراق الخام المعدة لطباعة النقود.
وأشار برعي الصديق، في ورقة قدمها أمام المؤتمر الاقتصادي مساء الثلاثاء، في مدينة بورتسودان، إلى أن الاقتصاد السوداني يعاني من تداعيات الحرب، مؤكدا سعيهم من خلال المؤتمر إلى استكشاف الحلول والفرص.
وتابع محافظ البنك المركزي برعي الصديق قائلًا: “لا يخفى على أحد أن الحرب مدمرة للبنية التحتية، وتعطل الأنشطة الإنتاجية، واضطرت الحكومة إلى الاستدانة من الجهاز المصرفي، مما زاد من نسبة الضغوط التضخمية”.
ولفت الصديق إلى خروج المصانع ومواقع الإنتاج خلال الحرب التي اشعلتها مليشيا الدعم السريع، منذ (19) شهرًا، بجانب تقلص المساحات الإنتاجية وسط وغرب البلاد بسبب غياب الأمن، وعدم توفر مدخلات الإنتاج.
وقال محافظ البنك المركزي، إن لجوء عدد كبير من السودانيين إلى الخارج، قلص من التحويلات الخارجية، كما وضع عبئ التحويلات الداخلية إلى الخارج بالعملات الصعبة، بالتالي تأثرت العملة الوطنية مقابل العملات الصعبة.
اجراءات مصرفية
وقال الصديق إن هناك جهود لاستعادة القطاع المصرفي، وتبني مبادرة وقف الاستيراد بدون إجراءات مصرفية، وتم إنشاء محفظة لاستيراد السلع المهمة بقيمة مليار دولار، ما كان له الأثر الكبير في ضبط العملة الصعبة.
وأضاف: “من بين المعالجات، سمح للمصارف بمعالجة اختلالات ناتجة عن الحرب بفترة سماح تصل إلى 10سنوات”.
وكان البنك المركزي من بورتسودان العاصمة المؤقتة طرح فئتين نقديتين من فئة الـ (500) جنيه و(1000) جنيه منذ التاسع من نوفمبر الجاري، مع الإعلان عن سحب الفئات القديمة من أسواق التداول بالتدريج.
سياسات تحفيزية
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير إنه من المهم جدا ان يؤمن المؤتمر على توصيات قوية لسياسات الاقتصادية اثناء وبعد الحرب وتقسمها إلى سياسات عاجلة يتم اتخاذها الآن اثناء الحرب واخرى بعد الحرب ذلك لان السياستان يختلفان عن بعضهما البعض. فالسياستين يجب ان تشمل السياسة المالية والسياسة النقدية وفق تنسيق وتنقل بينهما وذلك لان السياسة المالية تعني بها وزارة المالية فيما يلي المالية والموازنة العامة للدولة اما السياسة النقدية يعنى بها البنك المركزي فيما يلي السياسات المصرفية والقطاع المصرفي بصورة عامة حتى يحدث تناغم يمكن من خلاله ضبط المؤشرات الاقتصادية التي تتعلق بمعدل التضخم وسعر الصرف ومعدل البطالة وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الاخرى مثل معدل الفقر .
الحد من التهريب
ويشدد دكتور الناير إن الوضع الراهن يتطلب ضرورة الحد من تهريب الذهب والاستفادة من دخوله كمعدن النفيس للاقتصاد بصورة كاملة الأمر من شانه ان يخلق نوع من الاستقرار النسبي الذي يمكن تحقيقه من خلال السياسات التحفيذية المشجعة لمنتجي الذهب مع الاجراءات الامنية المتمثلة في إغلاق المنافذ الحدودية التي يتم تهريب الذهب من خلالها، ويضيف الناير وبالتالي يمكن ان يسهم كل ذلك بصورة كبيرة في تحقيق الاستقرار خلال الفترة الحالية فترة الحرب ، اما الجانب الثاني لابد من ترشيد الإنفاق العام وترتيب الأولويات الخاصة بالميزان الداخلي المتعلق بالموازنة العامة للدولة والاهتمام بالاولويات والعمل على زيادة حصيلة الإيرادات دون المساس بمعاش الناس أو المواطن التي تعتبر من الاشياء المهمة.
ويرى دكتور الناير إن قضية محفظة المليون دولار تظل مهمة للغاية شريطة ان تكون مختلفة عن المحفظة المليارية التي أنشأت خلال حكومة الفترة الانتقالية السابقة قبل الحرب والاستفادة من الاخطاء الكبيرة التي وقعت فيها المحفظة السابقة، وينبه الناير بضرورة إنشاء محفظة تستطيع ان تلبي كل متطلبات الاستيراد باسعار مستقرة ، مشددا بضرورة التعويض في المساحات التي تزرع في المناطق غير المستقر وغير آمنة بمساحات اخرى في الولايات الآمنة لتعويض الفاقد من الإنتاج الزراعي .
ويرى الناير إن السودان لن يجوع باعتبار ما يمتلكه من إمكانيات وموارد ضخمة رغم ارتفاع التضخم وتذبذب سعر العملة .
تغيير كلي للعملة
وقال الناير :لابد من الاهتمام بقضية تبديل العملة ليس بصورة جزئية كما اعلن عنها لكن لابد ان يتم ذلك بصورة سريعة وعاجلة مع فئتي الالف والخمسمائة وليس التركيز فقط على فئة الالف على ان تلحق مستقبلا فئتي المئتان والمائة جنيه .
ولفت دكتور الناير في حديثه إلى ضرورة إعادة تغيير كلي للعملة في فترة ما بعد الحرب بل بما في ذلك إعادة النظر في تركيب فئاتها لجهة إن الدولة ربما تفكر لاحقا في فترة ما بعد الحرب في ذلك او حذف أصفار من العملة وإعادة النظر في تركيبتها الفأويةوهذا مشروع مستقبلي لا بد ان تقبل عليه الدولة بعد الحرب .
الاستثمار بالمناطق الآمنة
ودعا دكتور الناير من خلال حديثه لصحيفة (المقرن) بضرورة توسيع المواعين الايرادية للدولة دون المساس بحياة المواطن كذلك يمكن تخفيف كثير من الضرائب دون التأثير على قيمتها وفق نظرية تخفيض الضريبة مقابل تعميمها وشمولها، كذلك لا بد من مساندة المواطنين في الظروف الراهنة مثل الالتزام بدفع الرواتب ودفع التعويضات كاملة.
ودعا إلى التشجيع في الاستثمار في المناطق الآمنة والمستمرة وهذا يتطلب من القطاع الخاص الدخول في عمليات استثمارية مجزية تنعكس على الآداء الكلي للاقتصاد السوداني .