تأجيل زيارة رئيس الوزراء السوداني إلى القاهرة… قراءة في خلفيات القرار وأبعاده السياسية

المقرن – تحليل إخباري

في خطوة لافتة، تأجلت زيارة رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى القاهرة، والتي كان مقررًا أن تبدأ غدًا الاثنين، إلى موعد قريب لم يُحدد بعد. ورغم أن الإعلان الرسمي لم يتضمن أسبابًا واضحة، إلا أن المؤشرات ترجّح أن التأجيل مرتبط بترتيبات داخلية في إطار استكمال تشكيل حكومة “الأمل” ومعالجة ملفات عاجلة داخل البلاد.مصادر مطلعة أكدت أن إدريس يسعى قبل الانخراط في أي تحرك خارجي إلى إحكام سيطرته على الملفات الداخلية، بدءًا من الأوضاع المعيشية للمواطنين وصولًا إلى عقد أول اجتماع لمجلس الوزراء الجديد بعد اكتمال تسمية الوزراء.القاهرة… الوجهة الأولى ودلالاتهااختيار مصر كأول محطة خارجية لإدريس ليس أمرًا عابرًا، فالقاهرة تمثل بالنسبة للخرطوم حليفًا استراتيجيًا مهمًا في ظل الأزمة الراهنة، وداعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا بارزًا في المحافل الدولية. وقد لعبت دورًا حاسمًا في تعطيل قرارات دولية كانت تستهدف القوات المسلحة السودانية، فضلًا عن احتضانها لمئات الآلاف من السودانيين الفارين من الحرب.هذا التقارب يعكس رؤية سودانية تعتبر مصر عمقًا استراتيجيًا وبوابة جنوبية لا يمكن التفريط في استقرارها، بينما تؤكد القاهرة في كل المناسبات على وحدة السودان وسيادته ورفضها أي تدخل خارجي في شؤونه.ملفات ساخنة على الطاولةمن المتوقع أن تشمل مباحثات إدريس في القاهرة، عند انعقادها، ملفات حيوية أبرزها: إعادة إعمار ما خلفته الحرب، تعزيز التعاون الاقتصادي، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص في البلدين. كما سيجتمع إدريس مع نظيره المصري مصطفى مدبولي، إضافة إلى لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار حوار استراتيجي أوسع حول الأمن الإقليمي.دلالة التوقيتالتأجيل، رغم ما قد يبدو من أنه مجرد تعديل فني، يعكس رغبة رئيس الوزراء السوداني في أن تكون زيارته الأولى للخارج مدعومة بقاعدة داخلية صلبة، ما يمنحه مساحة أكبر للمناورة السياسية، ويتيح له الحضور في القاهرة بأجندة مكتملة تعكس قوة موقفه.وبحسب المحلل السياسي محمد الفاتح، فإن القاهرة كانت وما زالت أحد أهم الفاعلين في ملف الأزمة السودانية، بدءًا من مبادرات دول الجوار مرورًا بالتحركات الدبلوماسية النشطة لوزير خارجيتها، وصولًا إلى الدعم اللوجستي والإنساني المباشر. وهو ما يجعل زيارة إدريس، عند حدوثها، حدثًا محوريًا في مسار العلاقات الثنائية وربما في مستقبل التسوية السودانية.

إرسال التعليق

You May Have Missed

error: Content is protected !!