مسارات. السودانيون وحدهم… يكتبون مستقبلهم بثقتهم ووحدتهم

إسماعيل محمود

إقتباس (الشعوب التي تثق في جيوشها لا تُهزم… لأنها تمنحها ما هو أثمن من السلاح الإرادة. (مانويل كارد)مراسل حربي في الحرب العالمية الثانية. في وسط حالات الترقب وشد الانتباه لكل ذي صلة ومعنى بمعركة الكرامة التي تعني مصير أمة سودانية كاملة تفهم وتعي وتعرف ان المؤامرات التي حيكت ضدها هي الأقسى والأوجع من جملة ما خلّفته الحرب التي فرضتها المليشيا المتمردة وما راكمته من جراح… في وسط ذلك الترقب قدّم وزير الخارجية والتعاون الدولي محي الدين سالم، في المؤتمر التنويري رقم (45) لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة الذي تنظمه وكالة سونا، قراءة تعيد النقاش إلى جوهره الحقيقي. حديثه لم يقف عند حدود المواقف السياسية، بل لامس حاجة إنسانية ملحّة لشعب دفع ثمناً قاسياً وتعرّض لانتهاكات واسعة على يد المليشيا المتمردة.وبالرجوع إلى ذاكرة الفاجعة منذ إطلاق رصاصة الغدر الأولى من فوهة بندقية المليشيا المتمردة في صبيحة السبت منتصف أبريل 2023، ظل رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مواظباً على إبقاء نافذة العودة إلى الرشد مفتوحة في كل خطاب يلقيه. وقد تُوِّجت كل تلك المسارات بالمشاركة في مسار جدة، وهي مشاركة لم تأتِ من خطوة مترددة أو مناورة ومراوغة، وإنما جاءت كخطوة مبكرة لكبح الانهيار ومنح المسار السلمي فرصة حقيقية. لكنكم تذكرون ـ في المقابل ـ كيف حاولت المليشيا المتمردة استغلال ذلك، علاوة على الصمت الدولي، لتوسيع جرائمها، إذ كانت تراهن على الوقت وحده لتغيير الواقع على الأرض.ورغم ذلك كله، لم يكن السودان “قصعة” سهلة للتكالب. فقد تماسك المجتمع السوداني بصورة واضحة، واصطف خلف الجيش في خندق صامد إيماناً بأن السيادة السودانية خط أحمر لا مزايدة عليه. هذا المزاج الشعبي تحوّل خلال هذه الفترة العصيبة من الحرب إلى رصيد معنوي كبير يصعب تجاوزه.أما السودانيون في الخارج، فشكّلوا امتداداً طبيعياً لهذا الاصطفاف. لم يتركوا الساحة مفتوحة لمحاولات التشويه، وقاوموا السرديات المضللة التي تسعى لجرّ البلاد إلى التجريف الشامل. كانوا وما زالوا جزءاً مركزياً من معركة التضحيات والوعي وحماية الرواية الوطنية.كل تلك النقاط أوردها السيد وزير الخارجية في خطابه الذي جاء معبّراً ومُقرباً لكثير من المسافات التحليلية التي سبقت الخطاب.وفي خضم هذه الصورة، يرتفع لدى كل سوداني غيور يقينٌ متجدد بأن القوات المسلحة والقوات النظامية والقوات المساندة تمضي بثبات وبسالة نحو حسم التمرد واستئصال جذوره. جبهات القتال تعمل في صمت، بعيداً عن الضوضاء، وتواصل التقدم بثقة نحو نصر شامل وحاسم. وهذا الشعور الشعبي لم ينشأ من فراغ، بل من متابعة واعية للجهد العسكري المنظم، ولقدرة الدولة على إدارة الحرب الوجودية المفروضة على الشعب السوداني.وتوّجت كل تلك الجهود المترابطة بالحقيقة التي عبّر عنها الخطاب الذي قدّمه وزير الخارجية محي الدين سالم، لما اشتمل عليه من رسائل في بريد المجتمع الدولي؛ مفادها أن السلام لا يصنعه الحبر على الورق وحده، وإنما تصنعه إرادة شعب أفشل تماماً مؤامرات من اعتدى عليه ودبّر له المكائد. شعب يعرف كذلك من فتح باب الحل، ويُدرك أن أي مسار سياسي يفقد معناه إذا لم يعكس هذا الاصطفاف الشعبي، وإذا لم يُصغِ لنبض الناس الذين يريدون مستقبلاً يحفظ سيادة السودان ويصون كرامته المجيدة.وبذا تكون الرسالة بلا عوج فيها ولا أمتاً: الطريق إلى السلام يبدأ من الداخل؛ من صمود الناس، ومن وعيهم بما يجري حولهم، ومن ثقتهم في جنودهم وهم يشقون دروب النصر خطوة بعد أخرى.سلامٌ يقوم على الإرادة التي لا تعطي أي مسار للإملاءات، وعلى السيادة التي لا تعرف المقايضات، وعلى يقين شعب قرّر أن يحمي وطنه ويكتب مستقبله بيده.

إرسال التعليق

You May Have Missed

error: Content is protected !!