السياسة والقانون – سامح لكن لا تنسى -(مطلوبي محكمة الجنايات الدولية في جرائم دارفور)


فكرة المقالة جاءتني من تقديمة العلامة البروفيسور/ عطا الحسن البطحاني(أستاذ كرسي العلوم السياسية في جامعة الخرطوم)، لتقديمه كتاب التشريع والقانون، تأليف فريق شرطة(حقوقي) دكتور/ الطيب عبدالجليل حسين محمود، القاهرة، المؤسسة العربية المتحدة للنشر والتوزيع، 2025م. وكذلك مقالة للبروفيسور/ محمود ممداني، أستاذ كرسي هربيرت ليهمان للحكم بجامعة كولومبيا – الولايات المتحدة الأمريكية، والمقالة بعنوان:(أصوليو حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية والسودان – عندما تتحول العدالة إلى إنتقام)، وأصل المقالة باللغة الإنجليزية منشور في جريده جنوب أفريقية على الرابط الالكتروني؛ https://www.mg.com.za/article/2009-03-20…amentalism ترجمة الصديق الأمين في جريدة سودان نايل، بريد إلكتروني: babikirelamin@hotmail.com. وللتعريف، البروفيسور/ محمود ممداني من أصول هندية مولود في يوغندا، وحاليا يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كتب مؤلفا كتبا شهيرة Good Muslim, Bad Muslim. America, the Cold War, and the Roots of Terror. وكما لديه كتابا عن دارفور بعنوان:( ,:Saviors and Survivors, Darfur politics, andtheWarofTerror(Knopf, 2009)).
ومتفقا مع أطروحات الكاتب د. الطيب عبدالجليل حسين في كتابه التشريع وصناعة القانون عن الدولة وسلطة الدولة، يقول البروفيسور/ عطا البطحاني سلطة الدولة هي إختزال وإنعكاس لموازين القوى بين مكونات المجتمع في طوره المحلي ولاحقا العالمي، وعن السياسة والقانون، توضيحا، البروفيسور البطحاني إستشهد بما قال به المرحوم مولانا/ عبدالعزيز شدو – أحد كبار المحامين وأحد وزراء العدل في السودان – أن السياسة تأتي أولا، ثم يعقبها القانون، وتوضيحا لقوله، مولانا/ عبدالعزيز شدو، أشار إلى ظاهرة الظار عند السودانيين، عندما تتدستر المرأة (دستور يا ماما)، تلبية لما تمليه الحاجة أو الشيخة من طلبات الأرواح أو الجان. وأشار البروفيسور/ عطا الحسن البطحاني، أن قول المرحوم عبدالعزيز شدو، يتسق مع ما جاء به توماس هوبز في كتابة التنين The leviathan، وهو قوله:(الإتفاقيات البعيده عن السيوف، ليست سوى ألفاظ، خالية من أي قوة، تؤمن الحماية، لأي كان)، فهو(أي توماس هوبز يشير لقوة سلطة الدولة).
ومقاربة لقول البروفيسور البطحاني، أشار لأسباب دواعي الحرب العبثية التي تدور في السودان منذ 15 أبريل 2023م، وحيث قبلها جاءت حرب أوكرانيا، ثم الحرب الإسرائيلية في غزة. ويطرح بروفيسور البطحاني. سؤال؛ ما هو سبب الحروب والنزاعات الدائرة في السودان وبعض بلاد العالم؟ ويطرح سؤال، لماذا تطاولت وعجزت الطبقة السياسية الحاكمة في السودان، من الوصول لسلام عادل، يلبي إحتياجيات كل السودانيين؟ ولماذا القوى المحافظة دائما على تملك السلطة في السودان، وظفت مفهوم الهوية والدين، لعرقلة حل النزاعات الدائرة في السودان، لأجل الحفاظ على إمتيازاتها غير المبررة؟
وإجابة على التساؤلات، بروفيسور عطا البطحاني، إستدل بمرئية للبروفيسور/ محمود ممداني، أن هناك قاسما مشتركا بين الحروب الدائرة، ويلخصه بروفيسور/ ممداني في عجز نظرية الحداثة الأوروبية عن تحرير السياسة أو المفهوم السياسي، الواقع تحت خطاب الحداثة، تلك الحداثة التي قامت على مفهوم القومية(Nation state). وبحسب ما جاء به البروفيسور/ محمود ممداني في كتابه بعنوان؛ لا مستوطن ولا محلي – صناعة الأقليات الدائمة وتفكيكها – 2020م. Neither setteler nor native: The making and unmaking of permanent minorities, Peknap press of Harvard University press,2020 قوله(أي بروفيسور/ ممداني)، مهدت التطورات السياسية في أوروبا وامريكا الشمالية وكندا إلي تغليب الأغلبية العرقية القومية، وسيادتها على السيادة في الدولة القومية، وإجتراح هامش للأقليات، لتتعايش الأقليات بلا سيادة مع الأغلبية. ومرئية البروفيسور/ البطحاني، أن البروفيسور/ ممداني يستنتج، أنه بموجب هذا الفهم(الحداثة الغربية عن صناعة الأغلبية العرقية القومية في الدولة)، والذي هيمن ويهمن على السياسة الدولية، أنه الأحداث تثبت ليس فقط، عدم جداوه، بل تسبيب ما دار ويدور من حروب ونزاعات. وكما في ذات السياق، يذهب بروفيسور/ محمود ممداني، إلى إلقاء اللوم على ما جاءت به الحداثة الغربية الإستعمارية.
وإزاء ذلك(أي إستناجات بروفيسور/ محمود ممداني)، البروفيسور عطا الحسن البطحاني؛ ربط بين ما إنتهى إليه بروفيسور ممداني والتطور السياسي والدستوري في السودان منذ الإستقلال وحتى قيام الحرب في 15 أبريل 2023م، أن النظام القائم في السودان، قائم على مفهوم الأمة مع الدولة، بغرض الحفاظ على مصلحة القوى الإستعمارية. حيث نجد أن الإستعمار الثنائي الإنجليزى المصري عمل على خلق مجموعات محلية، واستوعبها في نظام الحكم، لضمان المحافظة أو الحفاظ على مصالحة، حتى بعد الإستقلال، بأن نجح الإستعمار في نزع ثورية الدين الإسلامي التي ميزت الفترة المهدية، بإستيعاب طائفة الأنصار بما يشبه الإقطاع الديني، وتحولت الطائفة الدينية (أي طائفة الأنصار) ركيزة للتعاون مع بريطانيا، وفي المقابل مالت طائفة الختمية للتاج المصري(الإتحاد مع مصر)، وعزز الإستعمار البريطاني نفوزه في السودان، بالتركيز على إقامة المشاريع الاقتصادية والزراعية في وسط وشمال السودان، معللا ذلك، أن هذه الجماعة السكانية هي الأغلبية حسب التعداد السكاني من عام 1955م – 1956م، حيث جاء العرب المسلمين(لغة لسان ودين)، كتلة واحدة كأغلبية، حينما جاءت المجموعات الأخرى كأقليات. ومؤيدا لطرح البروفسور محمود ممداني، أنه بذلك، أصبح العرب المسلمين في السودان هم الأمة، وجاء الإستقلال بمنحهم الدولة(إستملاك الدولة وسلطتها). ونواصل الحديث عن سرديات ما إنتهى إليه البروفيسور/ عطا الحسن البطحاني والبروفيسور/ محمود ممداني، وعلاقة السرديات بالمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك سرديات البروفيسور/ محمود ممداني، عن أسباب الجرائم المرتكبة في دارفور والنزاعات الدائرة في السودان.

فريق شرطة(حقوقي)
د. الطيب عبدالجليل حسين محمود
المحامي إستشاري القانون والموثق
16 فبراير 2025م

إرسال التعليق

error: Content is protected !!