ذكرى استقلال السودان من داخل البرلمان.. مقاربة تاريخية
وزير سابق: نتمنى ان تكون آخر الحروب والسودان في قمة الريادة
كمال كرار: رمزية 19ديسمبر تجدد اهمية وحدة السودانيين لمواجهة قضاياهم المصيرية
يرتبط تاريخ 19ديسمبر بحدث قوي مزلزل في ذاكرة الشعب السوداني
تقرير:أحمد قاسم البدوي
تمثل رمزية يوم -19 ديسمبر باعتباره يوما وطنيا مميزا في ذاكرة الشعب السوداني ،أذ يرتبط هذا التاريخ بحدث استثنائي قوي هو إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في 19/ديسمبر /1955م.
ففي ذلك التاريخ كانت الجلسة التاريخية التي تقدم فيها السيد عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة نائب دائرة بقارة نيالا غرب بهذا الاقتراح.
من داخل البرلمان:
سيدي الرئيس : أرجو أن أقترح الآتي : أن نقدم خطاب إلى معالي الحاكم العام بالنص التالي نحن أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعاً نعلن باسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي بهذا الإعلان فوراً «. يسرني أن أتقدم بهذا الاقتراح العظيم في هذه اللحظة التاريخية الخالدة بعد أن اجتمعت كلمة الشعب السوداني المجيد على الاستقلال الكامل والسيادة للسودان ممثلاً في التقاء السيدين الجليلين وتأييدهما الذي تم بعون الله ولمرضاته ومصلحة البلاد العليا وفي اجتماع كلمة الأحزاب والهيئات السودانية عند هذه الغاية الوطنية الكريمة وفي هذا الإجماع الرائع الشامل لجميع أعضاء البرلمان ممثلاً في هذا المجلس الموقر على إعلان استقلال السودان من هذا المنبر الشريف «. أثني علي هذا الاقتراح التاريخي الخطير السيد مشاور جمعة سهل ( نائب دار حامد غرب ) وقال (أقدر مدى الشرف الذي يناله مقترحه ومثنيه في جلسة كهذه سوف يسجلها في سجل الشرف تاريخ هذه البلاد المجيدة وسوف تكون حداً فاصلاً بين عهد الاستعمار وعهد الحرية الكاملة والسيادة التامة والانعتاق الذي يجعل السودان أمة بكل مقوماتها لا تستوحي في شؤونها الداخلية والخارجية الا مصلحة الشعب وإرادة الأمة وتقيم علاقاتها مع الدول جميعاً على قدم المساواة بين ند وند لا سيد وعبد . وأخيراً أهنئ زملائي النواب بهذا التوفيق وأهنئ الشعب السوداني بفجر الحرية الذي يطل اليوم من هذه القاعة ويصل إشعاعه إلى كل ركن من أركان السودان ليبدد الظلام ويملأ أرجاء البلاد نوراً وسلاماً ورخاءً». ولم يغفل السيد/ محمد أحمد محجوب ( زعيم المعارضة ) ان يسجل اسمه في هذا الشرف الكبير فابتدر حديثه التوثيقي ( سيدي الرئيس في السادس عشر من شهر أغسطس الماضي أصدر مجلس النواب قراراه التاريخي بجلاء القوات البريطانية والمصرية عن الرضي الوطن وكان قراراً بالإجماع وفي العاشر من شهر نوفمبر غادر البلاد آخر جندي أجنبي فأدرك الشعب بجميع أحزابه وهيئاته أن استقلال البلاد التام أصبح حقيقة واقعة وارتفعت أصوات الشعب في كل مكان تنادي به باستقلال السودان التام ومطالبة الدولتين الاعتراف به وهانحن اليوم نتقدم بهذا الاقتراح باسم الشعب السوداني أن السودان قد أصبح دولة مستقلة ذات سيادة كاملة ونطلب من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف الفوري .لا شك عندي في أن هذا الاقتراح سيجاز بالإجماع كما لا شك عندي في ان هذا الشعب السوداني شعب عظيم توفرت لديه كل مقومات العظمة ، شعب يعرف متى يختلف وعلى ماذا يختلف كما يعرف متى يلتقي وثقف صفاً واحداً فكلما ادلهمت الأمور ودهمتها الحوادث وكاد الشك يتسرب الى نفوس الحادبين علينا وظنوا بنا الظنون ، وحسبونا قد تفرقت كلمتنا برزت كلمة الشعب وقوته وتقديره لمصائر الأمور واستطعنا أن نجتاز الصعاب وأن نخط سطراً ناصعاً في تاريخ هذه البلاد وتاريخ أبنائها لله وتحدث السيد/ مبارك زروق ( زعيم المجلس ) قائلا ( لله أخالني يا سيدي الرئيس إلا متكلماً باسم جانبي المجلس حين أؤيد هذا الاقتراح فالجانيان اليوم وأمامهم هذا الاقتراح مجلس واحد . أعود إلى الاقتراح الموضوع أمام هذا المجلس وأبين أننا نجلس هنا كنواب للأمة السودانية في هذا البرلمان الذي يمثل جميع وجهات النظر في البلاد والذي اعترفت دولتا الحكم الثنائي بصدق تمثيله في أكثر من مناسبة ، من حقنا بهذا الوصف يسندنا في ذلك الرأي العام السوداني كله ممثلاً في هيئاته وصحفه أن نعلن الاستقلال اليوم لله ومن ثم أجيز الاقتراح بالإجماع.
المفارقة والمقاربة:
وما بين الامس واليوم تأتي تلك الذكرى هذه المرة مختلفة إذ يعيش فيها الشعب السوداني مشردا ما بين النزوح ومنافي اللجوء نتيجة الحرب المدمرة التي شنتها مليشيا الدعم السريع المتمردة، ولكن مع كل ذلك تظل المقاربة قوية وكبيرة لارتباطها بالحظة الوجودية للوطن.

آخر الحروب:
ويقول وزير الدولة الاسبق بمجلس الوزراء طارق توفيق في حديثه لصحيفة(المقرن) إن اقدار الله ان ياتي احتفال السودان بالاستقلال من داخل البرلمان والبلاد اكثر تشاكسا يشهد حربا بدلا من التقدم والازدهار،متمنيا ان تكون هذه اخر الحروب ليعود السودان اكثر تطورا واذدهارا ويخرج السودان إلى العالم بثوب جديد في ريادة المجتمع الدولي والإقليمي ولديه كما كان في السابق ، مشيرا إن السودان يمثل ارضا للحضارات والثقافات.
وحيا من خلال حديثه القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلحة السودانية وهي في ساحة المعركة تعمل من اجل تحرير الوطن.
وحدة السودان:
قال القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار إن ذكري اعلان الاستقلال من داخل البرلمان، تأتي وسط هذه الحرب اللعينة التي تهدد وجود السودان كدولة بعد عقود طويلة على نيلها الاستقلال.. ورمزية ١٩ ديسمبر تعكس وتجدد كل مرة أهمية وحدة السودانيين في قضاياهم المصيرية، والتاريخ نفسه استلهمته ثورة ديسمبر في نضالها الباسل.

ويرى كمال كرار إنه بالرغم من ان امال الشعب تبخرت بعد الاستقلال، ولم يتحقق الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
وبالتاكيد فان هذه الذكرى تمثل دافعا كبيرا لقوى الثورة، وجسرا تعبر فيه الي المزيد من التوحد والتصميم والنضال من اجل هزيمة اعداء الشعب والوطن ..
إرسال التعليق