إبراهيم شقلاوي (وجه الحقيقة): سلطان كيجاب رجل من طينة الجمال

Spread the love


أنا أبن الغابة وأسكن الشجرة وأقرأ في الفرع، هكذا كان يعرف نفسه بطلنا المميز عبد المجيد سلطان محمد صالح كيجاب نسمة يضج بها المكان في تفاؤل، وتصرع الدميرة في كبرياء، كان فاكهة المجتمعات وأنسها وطرفتها ، متصالح مع نفسه ومع من حوله من الناس ، كانت جيرته مأمونة ومأمولة كما يقول عنه جيرانه واحبابه اهل حي الشجرة بالخرطوم يفزع الكبار ويحنو على الصغار ، كانت الدعابة واللطافة والحس الجميل يحكي عنه في كل مكان، أين ما ذهب يترك بصمته في المكان أنسا وفكرة ، ولد في العام 1955 في منطقة الغابة بالولاية الشمالية حيث النيل والطنبور والناس التي تجيد صناعة التاريخ وصداقة القمر .

تميز منذ صغره بموهبته في السباحة، التي أوصلته إلى مراتب عالية ، شارك كيجاب في العديد من البطولات المحلية و الإقليمية والعالمية ونال عدد من الجوائز المنوعة بامتياز ، أسس أول مدرسة للسباحة في السودان في عام 1975، والتي تخرج منها ما يزيد عن 40 ألف شاب ساهموا في انعاش هذه الرياضة الممتعة التي أوصى بها الأسلاف .

السلطان كيجاب درس جامعة القاهرة فرع الخرطوم كلية الآداب قسم الاجتماع ، كانت له مواقف جميله وطريفة يعرفها عنه الناس ، من هذه المواقف التي يحكيها زملائه عنه وهو طبعا زميل لعشرات الدفعات بالجامعة أو يزيد بالرغم من أن سنوات الدراسة في الكلية أربعة سنوات، لكنه كان بين الدراسة والتواصل مع الزملاء في ود وتقدير ومحبة حتى بعد التخرج ، قيل أن الدكتور (صمويل) أستاذ علم الاجتماع بالجامعة ، حينما يحيى الطلاب في المدرج في المحاضرات مفتتحا الحديث يخصصه بتحية خاصة ( التحية لكم ابنائي الطلاب والطالبات وتحية خاصة لزميلي كيجاب) هذه التحية كانت كناية على أن الدكتور ظل يراه في المدرج عدد من السنوات وهو لا يبارح المكان الذي احبه، حيث أصبحت اقامته شبه دائمة .

كان زملائه يستمتعون بوجوده بينهم ويتفاءلون بصوته الجهور و طلته البهية وقامته الفارعة التي كانت تميزه بين الناس.

باختياره لدراسة علم الإجتماع يبدو أنه كان يبحث عن ما يربطه بالبشر والحياة وتحديات نهوض المجتمعات ، كانت هذه الدراسة الماتعة المميزة تعبر عن مشروعه الاجتماعي والسياسي المتطلع للإصلاح وإعادة بناء المجتمع ، كانت دراسته لعلم الإجتماع مدخلا لإجادة العلاقات الاجتماعية والسياسية بامتياز وقد نجح في ذلك ، حتى ارتقى بها إلى المنافسة على رئاسة الجمهورية في انتخابات العام 1996، وأحرز مراتب متقدمة علي منافسيه ، إلا أنه لم يجد حظا في قيادة الحكومة ، حيث المنافسة صعبة تحتاج لروافع حزبية لم تتاح للرجل.

في العام 1988 دخلت البلاد في أزمات غذاء حادة جراء شح الأمطار ساهم كيجاب في لفت أنظار العالم للظروف الإنسانية بالبلاد وبادر بتنظيم زيارات لعدد من الفاعلين الدوليين والمنظمات الإنسانية إلى مخيمات النازحين واللاجئين ، وتقديم يد العون للسودان ، الرجل أيضا كانت له مساهمات مقدرة في العمل البرامجي والفني بالإذاعة السودانية في برنامج نفحات الصباح ، الذي كانت تقدمه الأستاذة الراحلة ليلى المغربي ، كرمته رئاسة الجمهورية خلال فترة حكم الرئيس البشير مع عدد من الرياضيين والشعراء والفنانين .

عبد المجيد سلطان كيجاب كان من رموز وممسكات وحدتنا الوطنية التي بدأت في التداعي دون وعي أو إنتباه ، رحم الله السلطان كيجاب بقدر محبته للناس ومحبة الناس له بقدر حبه لهذا البلد الذي كان يأمل أن يحتفل مع أهله بعد الخلاص من هذه المليشيا المعتدية التي لا تشبه المكان ولا الزمان ولا التاريخ .

عليه يظل وجه الحقيقة في أننا جميعا يجب أن نمضي تجاه دعم السلام والأمن وتعزيز ممسكات الوحدة الوطنية ، كما يجب علينا أن نتجاوز خطاب الإقصاء والكراهية لكي نجعل لهذا البلد مكانا بين البلاد الناهضة المستقرة بشعبها وعزمها وعزيمتها ، كذلك يجب أن نعمل على قفل الباب وقطع الطريق أمام الأعداء والأطماع الاقليمية والدولية ، وأن نوحد صفنا و أهدافنا لأجل السودان ، كما كان يتطلع فقيدنا البطل السلطان عبد المجيد محمد صالح كيجاب. اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح الجنات يا رب العالمين . واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجعل البركة في أهله ومحبيه، إنا لله وإنا إليه راجعون ، العزاء موصول لكل أهل السودان الذين أحبهم وأحبوه والرياضيين و الإعلاميين قاطبة وبعض أهل السياسية الذين يعرفون كيف تصان الأوطان.
دمتم بخير وعافية.
الخميس 17 أكتوبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com

aboody

Related Posts

(ضل التاية) بروفيسور ابراهيم محمد آدم: ألهذا جئت يا بريللو؟!

Spread the love

Spread the loveالمندوب غير السامي الأمريكي للسودان الذي سمي بالمبعوث هو امتداد لذات النمط الاستعماري الغربي الذي كان يسمي مناديبا في بعض الدول في ظل وجود سفراء وهذا نهج للاسف وافقت عليه حكومة الإنقاذ السابقة ولا يزال البلد يتجرع اليوم سمه زعافا.وما كان مبتدأ أن توافق الحكومة على استقبال مثل هؤلاء المندوبين الا في اطار المعاملة بالمثل وما أكثر المشاكل التي تعانيها امريكا وتتطلب ذات المكيالولسان حال…

عامر السيد (عامرون ) يكتب: الفاشر.. جمر القايلة

Spread the love

Spread the loveالفاشر خبرها شنو ..السؤال الذي يتردد كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي مع كل صباح ..لأن فاشر السلطان تعمقت في الوجدان السوداني .. ملحمة تميزت بالخصوصية كيف لا وهي آداب العاصي ..وعاصمة سلطنة الفور التي كانت ترسل كسوة الكعبة الشريفة (المحمل)..وطعام حجاج بيت الله الحرام ..أهل الفاشر دافعوا عنها ببسالة ستبقي عنوان كبير في تاريخ السودان ..واهل الفاشر نقصد بها كل من رابط ودافع وأصيب أو…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You Missed

والي الخرطوم يتسلم قافلة الجعافرة لدعم الناجين من مذابح المليشيا المتمردة

  • من aboody
  • نوفمبر 21, 2024
  • 2 views
والي الخرطوم يتسلم قافلة الجعافرة لدعم الناجين من مذابح المليشيا المتمردة

شرطة المباحث المركزية بكسلا تستعيد سيارات منهوبة

  • من aboody
  • نوفمبر 21, 2024
  • 2 views
شرطة المباحث المركزية بكسلا تستعيد سيارات منهوبة

الناطق الرسمي باسم الحكومة يزور (سونا) ويدعو لضبط الخطاب الاعلامي

  • من aboody
  • نوفمبر 21, 2024
  • 4 views
الناطق الرسمي باسم الحكومة يزور (سونا) ويدعو لضبط الخطاب الاعلامي

اطلاق نار في جوبا بعد اعتقال جنرال سابق متهم بتنفيذ انقلاب تدعمه الامارات

  • من aboody
  • نوفمبر 21, 2024
  • 5 views
اطلاق نار في جوبا بعد اعتقال جنرال سابق متهم بتنفيذ انقلاب تدعمه الامارات

صفاء الأصم تكتب (شوشرة): مستعمرة الفراغ

  • من aboody
  • نوفمبر 21, 2024
  • 6 views
صفاء الأصم تكتب (شوشرة): مستعمرة الفراغ

توجيهات سيادية عاجلة بالاستجابة لمطلوبات الموسم الزراعي بولاية الجزيرة

  • من aboody
  • نوفمبر 21, 2024
  • 5 views
توجيهات سيادية عاجلة بالاستجابة لمطلوبات الموسم الزراعي بولاية الجزيرة
error: Content is protected !!