نملك ادلة التخطيط للإستيلاء على السودان وحكمه بسطوة قبلية
لن يقبل الشعب بحل للحرب يبقي الدعم السريع كطرف في السياسة السودانية
شاركت في لقاء تشاوري مع رئيس مجلس السيادة حول الحكومة.. ولكن!
مستقبل السودان معقود على الانتصار في الحرب الذي اصبح قريبا
أشد التصدعات بعد رحيل الترابي كانت في الإبقاء على هوية المؤتمر الشعبي
المؤتمر الشعبي لم يرسب في اختبار الوطنية.. حتى لو شذ بعض منسوبيه في مناصرة السودانيين
قبول قيادة الشعبي بالاتفاق الإطاري كان “شراء وهم” وتطفل على “مائدة لئام” اجتمعوا لسحق الإسلاميين
دعني أكون أكثر صراحة ووضوحاً في الإجابة على هذا السؤال!!
حاوره: عبود عبدالرحيم
أزاح الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الستار عن كثير من مواقف الشعبي قبل وأثناء الحرب، وقال الامين العام للحزب د.امين محمود محمد عثمان في حوار أجراه معه رئيس التحرير، ان المشهد السياسي في السودان بعد الحرب سيشهد تحولات جذرية من انحسار الكسب بالولاء الطائفي والقبلي والجهوي واستبدال ذلك بما حدث من تضحيات ومجاهدات في الدفاع عن السودانيين من بطش جنجويد الدعم السريع.
وقال ان مستقبل السودان معقود على الانتصار في الحرب الذي اصبح قريبا، داعيا لتجاوز ازمة الحرب وغياب الامان بمنهج التوافق والتراضي.
وتناول حوار (المقرن) مع الأمين العام للمؤتمر الشعبي تجاوز الحزب للازمة التي خلفها رحيل د.الترابي، ثم ازمة الحرب التي مضت خلالها قيادات بالحزب لمناصرة مليشيا الدعم السريع، بجانب موقف المؤتمر الشعبي من الدعوة لتشكيل الحكومة والاجتماع بالبرهان، إضافة لأضاع الاسلاميين والرأي حول انتخاب على كرتي لقيادة التيار الاسلامي العريض.. فالى تفاصيل الحوار:
*كرتي في التيار الاسلامي*
في تطور مثير للمشهد السياسي على الصعيد الاسلامي تم الاعلان عن انتخاب الامين العام للحركة الاسلامية علي كرتي رئيسا للتيار الاسلامي العريض،، كيف تقرأ ذلك؟
-توحد المتقاربين في السودان بشارات لتجاوز أزمة الفرقة والتنازع السياسي العقيم.. ونرى في المؤتمر الشعبي وحدة الصفين الوطني والإسلامي واجبا وبلا تعارض للمصلحتين فيها، فهي لا تثير دهشة طالما هي قيام بالمأمور (واعتصموا بحبل الله جميعآ..)، ولا تنطوى وحدة المسلمين على ضرر لغيرهم من المواطنين لأن الوحدة يجب أن تنعقد على قيم الإسلام التي هي المعاملة وهي إتمام لمكارم الأخلاق واس المعاملات فيها ألا ضرر ولا ضرار وأن الظلم محرم بين العباد.
وفيما يتعلق بانتخاب الأخ الأستاذ علي كرتي رئيسا للتيار الإسلامي، فالمؤتمر الشعبي لم يكن جزءا من الناخبين، ولا يقدح ذلك مباركتنا وتمنياتنا له بالتوفيق.. وسعينا معهم للتعاون على البر والتقوى خدمة للإسلام والمواطنين السودانيين عامة.. وسنسعى للإرتقاء بمفهوم الحركة الإسلامية تجاوزا لتقييدات الحصر والغلق لتكون شاملة لكل من يدأب ويسعى نحو تطبيق أمثل لقيم الإسلام في الحياة.. فالمشروع الآني في بلادنا يجب أن ينطلق من نقطة جوهرية هي وحدة الناس جميعآ وتحزمهم لفعل ما هو خير، وتصديهم أيضا معا للشر ..
*غباء الأعداء*
بعد الحرب وما تشهده اوضاع القوى السياسية والتحالفات على الارض، هل تتوقع خطوة تجمع شتات الاسلاميين في الحركة والتيار والمؤتمر الوطني الذي لا زال محظورا؟
-المشهد السياسي بعد الحرب في السودان سيكون متبدلا بالكلية، ستنحسر نظرية الكسب بالولاءات الطائفية والقبلية والجهوية والايدولجيات وبالمآثر التاريخية للاجداد، وستحل محلها التضحيات والمجاهدات للدفاع عن السودانيين من بطش جنجويد الدعم السريع ومن عملاء الاستعمار الأجنبي والذين دأبوا على معاداة الإسلام..
فمن عظُمت تضحياته سيكون كسبه عظيما.. والذين التقوا طواعية للمحافظة على وجود وعزة السودان سيبقون معا في فسطاط الوطن، والوحدة بسبب عقيدة الإسلام في بلاد السودان تعززت بضرورات مواجهة كل السودانين للخطر الماحق الذي استهدفهم، فالمصائب تجمع المصابين، ويبدو أن الأعداء كانوا على درجة من الغباء لا يحسدون عليها اولآ في استخدامهم للدعم السريع مطية وهم يعلمون ما فعلت في دارفور.. وثانيا عندما تماهوا للحرب خلف شعارات ساقطة بالتجريب وبالعقل، فمن يصدق ان أيا منهم سيعمل لتوطين الديموقراطية؟ لذلك سقطت مبررات إشعال الحرب من أول برهة.. وفي المقابل تعززت دوافع المدافعة لدى السودانيين ضحايا الغزو والاعتداء، وتجلت في هبتهم للانضمام للمقاومة الشعبية وللقتال مع جيشهم في صف مرصوص ضد الأعداء.. هذه كلها بشريات عهد جديد من توحد الإرادة السودانية وسنسعى لها وسنتدافع لمشروعه ونفيره.
*اجتماع رئيس مجلس السيادة*
اجتمعتم مؤخرا مع رئيس مجلس السيادة، ماهو الغرض من الاجتماع، عدد من المراقبين قالوا انه اجتماع تشاور حول تشكيل الحكومة؟
-إذا كان مقصدك ب (مؤخرا)، بعد العودة من دعوة الاتحاد الافريقي للقوى الوطنية في أديس أبابا، فالمؤتمر الشعبي لم يكن ضمن القوى التي التقت بالسيد الرئيس، وبالتالي لا علم لنا بما جرى بحثه أو عرضه.. أما إذا كان مقصودا به قبيل الذهاب لاديس فلقد شاركت في لقاء تشاوري حول الحكومة وكانت هناك مواقيت لمواصلة التشاور ولم يلتئم الاجتماع للمواصلة حتى الآن.
*الشعبي تصدر المواقف الوطنية*
منذ رحيل الترابي حدثت تصدعات حقيقية في المؤتمر الشعبي وتراجع تأثيره في الساحة السياسية السودانية.. كيف تقرأ ذلك؟
-لا شك أن الثُلمة التي حدثت لحركة الإسلام برحيل الشيخ العلامة حسن الترابي ثُلمة باقية ويتدافع أبناء الحركة تخفيفا لواقعاتها.. واشد التصدعات بعده إنما كانت من أجل الابقاء على هوية المؤتمر الشعبي ككيان تأسس على أصول وهاديات الإسلام.. كان التباين حول الشورى واحتواء الوثيقة الإطارية على نهج في فرض العلمانية دون أخذ الرأي من الشعب الذي نعتبره في الشعبي مرجعية تحاكم عند الإختلاف سياسيا.. وبحمد الله وقفت غالب القيادات التاريخية وأغلب قواعد الحزب مع الهوية الإسلامية للحزب.. ثم جاءت مصيبة الحرب على السودان بتصدع آخر في الحزب وبنمط أشد غرابة هي موالاة مواقف الدعم السريع والتهيب من ادانته بما فعل مع المواطنين السودانيين.. وما استتبع ذلك من فرية الحياد في الحرب بدلا من الموقف الشرعي والاخلاقي المطلوب والمتمثل في مناصرة المستضعفين المظلومين ضحايا جنجويد الدعم السريع ومرتزقتهم.. أرجو أن أؤكد أن المواقف المتغايرة تجاه الحرب اسهمت في إعادة الحزب لتصدر المواقف الوطنية.. فللمؤتمر الشعبي حضور لا يضاهى في كل قضايا الوطن والحمد لله.. ونحمل رؤى انتقال بالسودان نحو الديموقراطية والشورى والازدهار الاقتصادي الألفة الإجتماعية الممكنة لكل المجتمعات السودانية بأن تعيش معا في أمن وسلام.
*الوثيقة الدستورية والاتفاق الإطاري*
شارك المؤتمر الشعبي بفاعلية في اعلان الوثيقة الدستورية التي توافقت عليها احزاب (قحت) وبموجبها صعد حمدوك لرئاسة الوزراء،، يتهم البعض (الوثيقة) بانها كانت اول اسباب اشتعال الحرب؟
-القول بأن مشاركة الشعبي في الوثيقة الدستورية كانت فاعلة؛ ليست دقيقة.. فكما هو معلوم فإن الوثيقة الدستورية غير الإتفاق الاطاري.. والوثيقة الدستورية كانت انتهابا لثورة عمل لها أغلب السودانيين.. وجرى فيها إقصاء القوى الإسلامية ومنها المؤتمر الشعبي الذي أعلنت قيادته أنه سيسعى لتمزيقها كونها قانون متغلب.. أما إذا كنت تقصد المشاركة في إعداد الإتفاق الاطاري، فإن ذلك أيضا غير مستقيم مع الحقائق التي تقول أنها أعدت من قبل قوى أجنبية.. وأن قيادة الشعبي لعبت بها فقط دور المستحلل وقدمت إليها وثيقتها كأمر لا تقبل الإضافة ولا الحذف.. وغابت عند القيادة الحصافة بالسماح لأمر لا يملك التحكم عليها بأن تضعضع بنية الحزب المتحكم عليها بضوابط الحزب.. كان ذلك شراء وهم.. وتطفل في مائدة لئام ابرموا أمرهم بسحق الاسلاميين جميعآ.. واتفقوا على خدعة تمهيل لنبش الأظافر في الفريسة.. وللأسف يستمر التسول في مائدة تقدم من البعض حتى بعد تبين دورهم في إشعال الحرب على السودان!
*الحرب بعثت حمية الدين في السودان*
لعنة الحرب اصابت الحزب وتباينت الرؤى استنادا لعصبية القبلية والجهوية بمساندة البعض للدعم السريع المتمردة حتى حدثت المفاصلة الثانية؟
-الحرب موصوفة (بالكره) وتطال آثارها بشكل مباشر وغير مباشر جميع من في ساحتها.. وساحة الحرب في السودان متسعة بالجغرافيا وبتعدد المصالح المستهدفة وبتنوع مظاهر الاعتداء على مصالح السودانيين وبتعدد الأطراف المعتدية جهرة أو تخفيا.. ومع ذلك لا يعلم المرء بالخير المخبوء في بعضها.
الحرب محصت وطنية السودانيين بالملالة والتسجير في طوة هي أرض السودان.. وفي ظني أن الله أنزل السكينة على الصابرين.. وازاح الغشاوة عن عيون كثيرة.. وانداح الوعي بالمشاهد الخيرة والشريرة للسلوك الناتج من التفاعل الشخصي والجماعي مع محنة العدوان على السودان.
الأن دحضت شُبها عديدة ألصقت بالاسلاميين بينما ضبطت بالثابتة قوى ولغت في الدماء بحمم، وهتكت الأعراض بفجور، واستحلت أموال الناس بنهم.. ولو كان أعداء الإسلام يدرون أن حربهم على الشعب السوداني وبالحجج التي اعلنوها ستبعث الإسلام في السودان من جديد، لما اشعلوا حربهم هذه وبهذه الدعاوي الفطيرة.. اظنهم اشعلوا الحرب قبل التحليل النفسي الصحيح للامة التي يريدون محاربتها.. فالسودانيون وكما يقول سبنسر تريمنجهام تؤلبهم جميعآ (صيحة الإسلام في خطر).
باختصار الحرب وبالمظاهر التي اعتمدها أعداء السودان بعثت حمية الدين في السودان ودفعت المسرح السياسي إلى عقد مقارنات للسلوك السياسي للقوى السياسية بناءا على تعاطيها العملي مع الحرب، المؤتمر الشعبي لم يرسب في اختبار الوطنية وتعظيم التضحيات دفاعا مجردا لشعب يظلم ويضام.. ويرجو أجر ذلك من الله وحده.. ولئن شذ بعض منسوبي الشعبي في مناصرة الشعب السوداني في دفاعه عن نفسه فإن هؤلاء ليسوا بدعة على مجمل السودانيين.. هناك تأويل خاطئ ناتج من فهم خاطئ لطبيعة الحرب.. وهناك مواقف تأسست مجافية لقيم الإسلام لأنها انتحت نحو العصبية القبلية.. والحمد لله هؤلاء قلة ولا يمكن اعتبار جنوحهم موقفا للمؤتمر الشعبي.
*الأمانة المحلولة*
ظل المؤتمر الشعبي جزءا من (قحت ثم تقدم) رغم انه كان مشاركا للانقاذ حتى الاطاحة بنظام البشير.. ؟
-لا اتفق على المقدمات كمسلمات، فالمؤتمر الشعبي لم يكن جزءا من قحط ولا من تقدم لأن شورى الحزب فصلت في هوية المؤتمر الشعبي وفي منهج العلاقات السياسية مع القوى السياسية.. والتيار الذي اصطلح للتعبير عنها بمجموعة “الأمانة المحلولة” لهثت خلف قوى قحط ومن بعد تقدم، ظنا أنها تطرح بتواليها لها تاريخها وميراثها لتبدو حسنة أمام من ابهروها (بانها خير).. ورغم الارتماء لهم فقد عاملوهم بالازدراء وكانوا في نظهرهم “محللين” فقط ليقال عنهم أنهم يضمون قوة إسلامية!
المؤتمر الشعبي في قواعده لم يكن جزءا من قحط ولا من تقدم.. ازدادت المفازة بينهما بالحرب التي اشعلوها ضد السودان وبالعمالة والمزاينة المثبتة لهم مع القوى الخارجية.
*تجاوزنا تحدي الإرهاب الفكري*
رحيل الرموز الاسلامية ثم انزواء قيادات الصف الاول وبروز قيادات بدون خبرة سياسية وراء تراجع شعبية الحزب وانفضاض الاسلاميين من صفه؟
-هذه أيضا مقدمات غير مسلم بها، فلو كان حديثكم عن الاسلاميين قصرا على اسلاميي المؤتمر الشعبي؛ فإن قياداته التاريخية من الصف الأول غير منزوين، ولهم عطاء غير مجذوذ في حركة الإسلام.. والشعبي تجاوز مبكرا تحدي الإرهاب الفكري التي كانت سمة سني ما بعد الإنقاذ والتي أراد بها معارضو الحركة الإسلامية محاصرة الدعوة في السودان بتخوين الدعاة وبث خطب الكراهية ضدهم واتهامهم بالمتاجرة بالدين.. فالشعبي ظل يمارس نشاطه علنا من دوره حتى في ظروف الحرب الاستثنائية، فاستعاد لنفسه ولكل الصف الإسلامي الثقة بالنفس والثقة مع الآخرين.. وهم يدأبون في التخطيط للانتقال لمرحلة جديدة من العمل خدمة للإسلام والوطن بتدابير واعية، نخطط لانتقال مستوعب لمعطيات الواقع الجديد في السودان بلا أثقال مقعدة للنهضة الإسلامية بعد الذي كان.. وليس صحيحا انفضاض الاسلاميين لا من الفكرة ولا حول الأوعية التي تستوعب وتوجه قدراتهم نحو هدف التطبيق الأمثل والأكمل لتعاليم الإسلام في الحياة.
*لاخلاف حول بدء الجنجويد للحرب*
شهد موقف الشعبي انقساما من الحرب والطرف المسؤول من اشعالها.. ماهو واقع الرأي الرسمي من ذلك؟
-قلة من منسوبي الشعبي تماهوا مع الدعايات الضلالية المبررة للحرب على السودان، وتلك التي حاولت مساواة الجيش بالمليشيا والسعي للاقناع بأن الحرب في السودان بين جنرالين ومن أجل السلطة فقط، ليدلفوا للقول بأن الموقف الحكيم هو الوقوف في الحياد.. !
الموقف الرسمي للحزب ضد هذه التسويقات المضلة.. فبلادنا تعرضت لغزو مخطط بأدوات محلية مدعومة بقوى دولية وإقليمية ولزام على عضوية الحزب مدافعة هذا الشر كمواطنين سودانيين لهم حق الدفاع عن النفس والوطن والمستضعفين فيه، لا لبس على يقيننا في من بدا الحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ م ، لا حرب كهذه تقطع دونما تخطيط مسبق، والخطة إنما تضع تنفيذا لأهداف معلومة.. وبناءا عليه تكون بلورة الأهداف وتحديدها سابقة ربما بعقود من الزمان.. وندرك ونملك ادلة التخطيط للاستيلاء على السودان وحكمه بسطوة قبلية.. لذلك لا خلاف حول بدء جنجويد الدعم السريع بالحرب على السودان وبتسريع التنفيذ من قوى خارجية أخطأت الحسابات بسبب جهلها بالمجتمع السوداني.. كانت معلوماتهم مقتصرة ومستقاة من عناصر قحط المتغربين عن المجتمعات السودانية عقيدة وثقافة وقيما.. فزينوا لهم ثم اوردوهم مهابط الفشل..
المؤتمر الشعبي كغيرهم من أبناء الشعب مصطفون للدفاع عن السودان ولا يبغون بذلك إلا مرضاة الله تعالى.
*وضوح وصراحة*
خلص منبر جدة الى اتفاق مع وقف التنفيذ وفشل اجتماع جنيف في جمع الحكومة والدعم ،، الامر يدعو للتساؤل حول مستقبل السودان الى اين؟
-دعني أكون اكثر صراحة ووضوحا في هذه الاجابة.. هناك طرف ومشايعين استدركوا أنهم فيما كانوا يلعبون لعبة تكتيكية لتعديل هزائمهم في الخرطوم؛ فإنهم وقعوا في فخ منصوب بحنكة.. ظنوا أنهم سيتبعون نهج الهدن التي سبقت اتفاق جدة لإعادة ترتيب قواتهم ولايصال المدد لها.. وربما ظنوا أنهم سرعان ما يقضون على الجيش فيحققون حلمهم فلا يكون لاتفاق جدة أي قيمة..
وعندما سارت الحرب بما لا يشتهون أرادوا ترميمها ولكن في الاثناء استجدت أمور ليس على المفاوض السوداني تجاوزها البتة إذا كان يريد حلا باقيا للازمة السودانية.. فالمفاوض السوداني لن يخرج في التفاوض بغير ما يجسد إرادة الشعب السوداني واجماعه.. فالشعب بعد الذي فعله جنجويد الدعم السريع لن يقبل مطلقا حلا يبقي الدعم السريع كطرف في السياسة السودانية،
هذا القرار الوطني السوداني المؤسس على المصلحة الوطنية العليا للسودان متعارض (كما أعلم) مع توجهات الوسطاء في منبر جدة!.
وما لم تتوصل السعودية لمعادلة إحلال لدور الدعم السريع في حرب اليمن فمن المشكوك أن تسعى في أي اتفاق لتجسيد إرادة الشعب السوداني في محو دور المليشيا هذه في السودان..
المواقف الأميركية والبريطانية والاوروبية عامة تتظلل أيضا بمصالح هذه الأطراف من الإبقاء على المليشيا، لا كعظم حوت في حلق السودان وتوجهاته، ولكن أيضا كحائل دون الهجرة الأفريقية نحو أوروبا.. وبالطبع لا يمكن اغفال مخطط إبادة واضعاف أدوار عرب الشتات في غرب أفريقيا بجرهم لمحرقتهم في أرض السودان.. الإمارات تضلع في صناعة الموت لاعراب غرب أفريقيا ولكثيرين غيرهم كانوا ينشطون للهجرة لأوروبا ففتحت لهم الإمارات أبواب المال الذي كانوا يبغونه في أوروبا بالعمل مرتزقة اجراء في السودان..
جدة رغم تعلق الأمل بها فإنها ليست حلا قريبآ إلا بعد توصل المملكة لمعادلة تضمن بها حماية أمنها في مشكلتها مع اليمن من ناحية وتتفق مع أهل السودان ألا مجال لتعدد مراكز القوة في الدولة السودانية وبالتالي لا مجال للابقاء على الدعم السريع كقوة في السودان.
إن مستقبل السودان معقود على انتصاره في الحرب عليها، وقد بات قريبآ بإذن الله.. ويجب وضع أسس واضحة وملزمة للعقد الاجتماعي.. ولا بد من تجاوز أزمة الحروب وغياب الأمان بمنهج التراضي والتوافق.. ننظر للأمن من كل الفضاءات ونبحث عنه.
*مدنية أم عسكرية*
اختلفت الرؤى حول تشكيل حكومة طوارئ او حرب ،، هل تعتقد ان الاولوية يجب ان تكون لإنهاء الحرب ام تشكيل حكومة مدنية تساهم في انهاء الحرب؟
-وظيفة الحكومة خدمة الشعب، والأمان احتياج ضروري لكل المواطنين وهي اليوم حاجة ملحة.. وكما هو معلوم لا يمكن القفز من احتياج ضروري لاحتياج غير ضروري.. وبالطبع هناك احتياجات ضرورية أخرى يحتاجها المواطنون السودانيون كالغذاء والتعليم..
فالحكومة ضرورة لوفاء احتياجات المواطنين وتذليل كسبهم ومعاشهم.. واليوم تتنوع وتتعدد الاحتياجات وتكاد معظمها في حكم الضرورة وإذا غلبنا الاحتياجات على أساس من الاكفأ في توفيرها المدنيون أو العسكريون؟ فإن ذلك لا يفيد.. والواجب هو التماس الاقدرين لوفاء احتياجات هذه المرحلة بالتنويع الذي صفصف تلك المطلوبات.. فلست ميالا لتقسيم حكومة المرحلة الحالية بالتحديد الحاد مدني أو عسكري.. أرى مرحلة المزاوجة التكاملية حسب الاحتياجات الوظيفية ومهام الانتقال.. فالاسبقية دون شك للتحرير فيبحث عن من يقدر عليها مع عدم إهمال بقية الوظائف، يكاد يكون اجماعا وطنيا في رفض حكومة المحاصصة الحزبية، ورأينا في المؤتمر الشعبي هو تفرغ الأحزاب لتنظيم نفسها لمرحلتها وعدم المزاحمة في الحكومة الانتقالية.. بل نرى ضرورة للإصلاح الحزبي بايجاد معادلة توفيقية يحقق اولآ عدالة الحكومة ونفي فكرة أن الوطن تحت حكم الأحزاب غنيمة الحزب المتغلب.. فالموظف العام في كل درجاته يجب أن يتحرر من أية تأثير يؤثر في عدالته عند خدمة أو وفاء مستحقات كل مواطن دون أن تؤثر فيه انتماءه لحزب أو قبيلة أو جهة جغرافية.