كنا نظن في السودان في العصر الحديث سوف نستشرف تاريخًا جديدا منبثقا من مآلات الايجابية لغزو محمد علي باشا في السودان من مخاض السلبيات في الظلم والأجرام في حق السودانين بدلًا من ان نتمسك بإيجابياته في صناعته للدولة الوطنية بشكلها فيما قبل انفصال الجنوب الحبيب وتوحيده للوجدان في إعاده لحمته في دولة واحدة ذات سيادة وحدود انبثقت من أربعة دول (سلطنة الفور والفونج والمسبعات ومملكة تقلي) مع تشكل بذرة الوحدة الوطنية في عهد الاتراك جاءت الثوره المهدية لتعزيز ماتمت صناعته في عهد الاتراك لتخلق تلاحمًا وطنيًا ممزوجًا بالدماء من خضم الانتصارات في البداية والهزيمة في نهاية الدولة كل ذلك كان مدعاة لترسيخ الوجدان المشترك بتلقائية نالت استحسان السودانين فخرًا بما من الانتصار في تحرير الخرطوم والهزيمة في كرري لتتواصل رفقة الوطنية تعزيزًا في عهد الاستعمار الثاني في وضع لبنة الدولة الحديثة في التنمية والتعليم والصحة وظهور بوادر المؤسسات التنظيمية الفكرية لتقليل نوازع التعصب والقبلي وفتح باب للتاخي الإنساني الديني والفكري والجهوي ذلك ان عهد الحكم الثاني بسلبياته الضخمة ولكنه أطر للوحدة الوطنية حتى نادي البعض في مذكراتهم بضرورة تواصل الحكم الإنجليزي حتى يبلغ السودانين محطة وعي تسهم في لجم المورثات السالبة.
لتأتي فترة الحكم الوطني عقب الاستقلال ليتخذ السودانين من معين السلبيات في العهود الأنفة الذكر متكا في مسيرتهم للحكم الممتدة منذ الاستقلال الى اليوم.
بدلًا من تباشير التنمية والسلام والحكم الديمقراطي تتناسل الاختلافات لتتحول الي نزاعات وصراعات دامية تعم أغلب الجغرافيا وتدخل الأحزان في أغلب البيوت من ١٩٥٦ أو قبله.
تتوافر معدات المعترك بين السودانين في التسليح وتتنمط بين افئدتهم توابع الانتقام وشوة الإقصاء للاستفراد بالسلطة والثروة لتتمدد دوافع الانتقام بين من يرون أنفسهم مظلمون ومقهورين في وطنهم ليكون كل المشهد السياسي منذ الاستقلال سلسلة من الحروب المنتقلة من جيل الى جيل ..
حفظك الله ياسودان من شرور انفسنا وزرع المحبة بيننا.