البعد السياسي للدعم الإماراتي لاثيوبيا هل يحقق توقُعنا قبل عام ونصف بأن :
سيسي مصر مواجه بمصير بشير السودان… إلا إذا ؟ 1-2
•فى خضم التدخل الإماراتى السافر فى السُودان بعد إقصاء وإبعاد مصر ، نشرنا في يناير 2023م مقالاً تناولنا فيه العلاقات الإماراتية المصرية من زاوية النفوذ الإماراتي في المنطقة بشكل عام ، وفي السودان بشكل خاص على حساب نفوذ (مصر) تحت عنوان (السيسي سيواجه ذات مصير البشير… الا اذا؟) وذلك بعد إعادة قراءة لإستراتيجية الإمارات وسياساتها في التموضع الاقليمي مستغلة حينئذ رافعة كيان (التحالف العربي) كوسيلة لأداء مهام وتكاليف وكالتها كحليف إقليمي، وتحقيق مصالحها وأهدافها التوسعية على حساب استقرار الدول والحكومات بالمنطقة.
• خلال مقالين متتالين، ولتقريب الفهم ووجهة النظر سنُعيد نشر المقال، وإعادة قراءته مع واقع التطورات والمستجدات الأخيرة خلال الفترة التي تلت النشر بدآً بالصفقة الاماراتية المصرية المثيرة للجدل “مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة” على الساحل الشمالي بقيمة إستثمارية بلغت 35مليار دولار ، مقابل دعم وتقوية الامارات لأثيوبيا ضد مصر بشكل سافر ومستفز ، وصولاً لمرحلة إعلان اثيوبيا عزمها على الحصول على منفذ بحرى ولو بالقوة، تلاه الإعلان عن اكتمال تشييد وتعبئة وتشغيل سد النهضة رغم اعتراضات مصر وتحفظات السُودان، والذي تزامن مع مساعي اثيوبيا واتفاقها الإستفزازى مع الإقليم الصومالى المتمرد “صوملاند” والإنفصالى للحصول على ميناء “بربرة” والذي يشكل تهديداً مباشراً لقناة السويس المصرية عند باب المندب، وتعيين سفير اثيوبى لاقليم متمرد وانفصالي تابع لدولة عضو في الاتحاد الإفريقي في تحدي سافر للوائح الاتحاد الافريقى وسيادة الصومال وأمن ومصالح مصر المائية.
السيسي سيواجه مصير البشير.. إلا إذا؟
1.نبدأ من الفكرة الأساسية التي من اجلها أُُنشيء كيان (التحالف العربي) في العام 2015م بغرض تحقيق مصلحة خليجية بالتدخل العسكري في (اليمن) تحت لواء (عاصفة الحزم)، وبغطاء ائتلاف عربي إقليمي ، وذلك في إطار خطة إستراتيجية تُعنى بمعالجة الآثار السالبة ومضاعفات حُمى الربيع العربى.
- في 25 مارس 2015، هبت العاصفة بتنفيذ اول ضربة جوية على الحوثيين الذين تحالف معهم الرئيس اليمني المخلوع (على عبد الله صالح) بعد ثورة الشباب اليمني فى 2011م.
- تقول “السعودمارات” بأن العاصفة جاءت استجابة لطلب من الرئيس اليمني (عبد ربه منصور هادي) بسبب هجوم الحوثيين على العاصمة المؤقتة عدن، علماً بأن “السعودمارات” لديهما مصالح خاصة في اليمن والتي بسببها دخلت السعودية في حرب مع اليمن في العام 1972، بعد إعلان استقلال جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني، عندها استولت السعودية على إقليمي “الوديعة وشرورة” اليمنيين، بينما الإمارات عينها وطموحها على “موانيء اليمن”.
- بالتالي، ارتكبت عدد من الدول (غير الخليجية) أخطاء تاريخية في المشاركة في حرب ضد دولة عربية تحقيقاً لمصلحة خليجية، وبعد اربعة سنوات من الحرب الفاشلة، تداركت تلك الدول الخطأ، وخرجت من عباءة التحالف الذي انحرف عن أهدافه المعلنة لإعادة الحكومة الشرعية والتصدي للانقلاب الحوثي، إلى جانب أجندات أخرى خاصة تتعلق بمطامع (سعود ماراتية) في اليمن، فإنسحبت كل من قطر، ماليزيا، باكستان، المغرب، وحياد الأردن ومصر للدرجة التي تجعلهما أقرب إلى رفض عمل التحالف من المشاركة فيه، بينما قام السودان بتقليل عدد قواته على إثر أزمة مكتومة مع المملكة.. 5.إستشعرت “السعودمارات” مؤشرات الانهيار والفشل لمشروع التحالف وإستحالة المُضي قدماً دون (مصر والسودان) بإعتبار أن مصر دولة محورية وإستراتيجية مؤثرة في المنطقة توفر الغطاء والدعم السياسي المناطقي والسودان الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها جيش متمرس وجاهز والذي إعترك المعارك وفي حالة حروبات داخلية متواصلة اكسبته النجاعة والخبرة الكافية.
6.من هنا بدات (الاستمالة والإغراء) بالاستثمار في الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلدين وحوجة (السيسي) الصاعد لحكم مصر لدعم اقتصاد بلاده بالتنازل عن هامش مساحة من كرسي التموضع المصري الاقليمي لصالح القيادة الخليجية الصاعدة.
7.(البشير) بدوره وبعد انفصال الجنوب وفقدان النفط كاهم مورد قاوم به العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ منتصف التسعينات – خاصةً اختراق لدائرته القريبة وكابينة قيادته، التي أقنعته أن حل الضائقة في التحالف والمشاركة، (فوافق على وضع الحبل على عنقه) ومضى برجليه إلى (مقصلة التحالف).
8.الآن، دارت الدائرة ، واثبتت الاحداث والسياسية بأن (وحدة المصير المشترك) ليس للاستهلاك السياسي، وبعد الاختلاف حول المصالح وبلوغها مرحلة لامست إعلان الطلاق والانفصال بين (السعودية الاماراتية) ، التي يسبقها حالياً ضربات تحت الحزام وتسابق نحو الاقطاب الدولية المهيمنة وعقد عدد من القمم والإستقطابية لكل طرف والتنافس في الحصول على الجُعل الاكبر من تركة وميراث التحالف واستقطاب واستمالة ما تبقى قبل الاعلان الرسمي لوفاته.
9.في خضم هذه الوضعية، الآن الخليج يشيح بوجه عن (السيسي) بعد ان انقضت المصلحة الثنائية المشتركة ل (السعومارات) وطغى عليه المصلحة الشخصية المنفردة ل (السعودية / الامارات)، فالإمارات على وشك فصل جهاز الانعاش والحياة الاقتصادي، والسعودية تنظر بريبة لموقف (السيسي) حيال الامارات ومدى مقاومته لها، قبل ان تشرع في فصل جهاز الانعاش والحياة السياسية عنه، وليس (أمام السيسي) إلا المفاضلة بين الإبقاء على جهاز الانعاش السياسي وكرسي تموضع بلاده وسمعتها وسيرتها الإقليمية المفقودة، والتي هي بيد السعودية بنسبة كبيرة ، او تقديم تنازل- للمرة الثانية- مرة اخرى مقابل انقاذ (حياته الاقتصادية) وبالتالي مصيره ومسيره في السُلطة، وفي كلتا الحالتين يظل “مصير السيسي” مشترك ومشابه ل”مصير البشير”.
نواصل ..