إنّا لله وإنّا إليه راجعون
اللهم ارحم عبدك نصرالدين علي- الزميل العزيز، والصديق الصدوق، والأخ الكريم، والمُخرج التلفزيوني الحاذق، ذا الرأي السديد، والفكر الرشيد، والقريحة المًتقدٍة، والرؤى النيّرة، والخُلق الجميل، والطبع الأصيل، والهدوء النبيل، والقول القليل، والفعل الفضيل. اللهم ارحمه رحمةً ملء سمواتك وأرضك، اللهم ارحمه بقدر عدد الرجال وحبّات الرمال، وبقدر النجوم والغيوم، وبقدر الأفلاك والأملاك، وبقدر خلقك من لُدن سيدنا وأبينا آدم عليه السلام، إلى قيام يوم الدّين، وبقدر رحمتك التي وسعت كُلَّ شيء.
اللهم ارحم عبدك نصر الدين الهاش الباش، النّاصح الأمين، والعامل المُخْلِص، والمتفاني المُبدع الذي ألِفنا و ألِفناه وخبرنا وخَبرناه مُخرجاً فذّاً لبرنامج “قضايا اقتصادية” الذي شَرُفتُ بتقديمه لعشرِ سنواتٍ حسوما على شاشة تلفزيون السودان- رفقة كوكبة فريدة من الزملاء الأعزاء، على رأسهم الأخت الفضلى الأستاذة/ نورا سيد أحمد محجوب- رئيسة القسم الاقتصادي بالإدارة العامة للأخبار والبرامج السياسية، والأستاذ/ حاتم حسن أحمد، مُعِد ومُنتج البرنامج رفقة الزميل الأستاذ/ أمين قادر، والأستاذ/ بدر الدين برشل، و زملاء آخرين – منهم من قضى نحبَه، ومنهم مَنْ ينتظر، وما بَدلوا تبديلا.
كان نصر الدين ذا أدبٍ ونزاهةِ طُعمة، تُقعِدُه الرزانة، ويُسكتُه الحِلم، وتكفيه اللّحظة، وتُرشده السّكتة، له تواضع العلماء، وفهم الفقهاء، وجوابُ الحُكماء، لا يبيع نصيبَ يومِه بحرمانِ غَدِه، دلائل الفضل عليه لائحةٌ، ومواقع المجد له شاهدة. نصرالدين المتألق دوماً في حِلّه وترحاله الذي عَشِق الأخبار وعشقته، وألِف غُرفة التحكم “الكنترول” وألفته. كان أكثرَنا هدوءً، وأصوبَنا رأياً، وأصدقنَا قولاً، وأشَدنا جَلَداً وتَحَمُّلا.. الآ رحم الله أخانا وحبيبنا ورفيقنا وزميلنا وصديقنا نصرالدين علي، وربط على قلب حَرَمِه المصون الأخت الفضلى الزميلة سمية ميرغني وفلذات أكبادهما وأهله وعشيرته، وربط على قلوبنا جميعاً، وكلّ الزملاء من المخرجين والفنيين والمذيعين والمُعدين والمُقدمين،
ولعلّي أقتبس هنا أبيات مُتمّم بن نُويرة في رثاءِ أخيه مالك من نُويرة:
لعمري وما دهري بتأبين هَالكٍ
ولا جزعٍ مما أصابَ فأوجعا
لقد كَفّنَ المِنهالُ تحت ردائه
فتىً غيرَ مِبطانِ العَشِيّاتِ أروعا
ولا بَرَماً تُهدي النساءُ لعُرسِه
إذا القشع مِن حِسِّ الشتاء تقعقعا
لبيبٌ أعانَ اللًّبَّ منه سَماحةٌ
خصيبٌ إذا ما راكِبُ الجدبِ أوضعا
سقى اللهُ أرضاً حَلّها قبرُ مالكٍ
ذِهاب الغوادي المُدجناتِ فأمرعا
سقى اللهُ أرضاً حَلّها قبرُ (نَصْرٍ)
ذِهابَ الغوادي المُدجناتِ فأمرعا.
وإنّا لله وإنا إليه راجعون
ضياء الدين الطيب.