بقلم: بروفيسور ابراهيم محمد آدم
البروفيسور حسن مكي محمد احمد من علماء السياسة الذين خاضوا غمارها وسبروا اغوارها فهو عالم في مجال التنظير الفلسفي وممارساً في مجال الاجتماع السياسي بسيرة ثرة طويلة في اضابير الحركة الإسلامية وتطورها وكسبها السياسي وقد وثق لذلك في ثلاثة كتب عن تجربتها في قوالبها المختلفة فهي كثيرة التقلبات مواكبة لحركة وسكون الكون وذاك كان شعارها في قفزتها الكبرى على يد الراحل الشيخ الدكتور حسن الترابي صاحب مقولة فالنبدأ كيفما اتفق تفاعلاً مع المجتمع.
والبروفيسور حسن مكي كذلك عالم ضليع في حقل العلاقات الدولية ومؤرخ حفي بخبايا التاريخ ومفكر إسلامي لا يشق له غبار إذ له اكثر من ثمانية عشر كتاباً في مجالات التاريخ والسياسة والفكر والتصوف والثقافة والدعوة والتنصير كما اشرف على مئات الرسائل والاطروحات العلمية الجامعية ومنها الماجستير والدكتوراة والتي طبع العديد منها كتباً صدرت من كبريات دور النشر ومن بين طلابه من استطر هذا المقال لذلك اجدني اكتب بحمد الله عن قرب ونحن ما شهدنا الا بعلمنا وما كنا للغيب حافظين.
كتب ونشر البروفيسور حسن عشرات الأوراق العلمية في تلك المجالات وغيرها كما انه تمتع بعضوية العديد من الجمعيات والكيانات الثقافية وشارك في عدد كبير جداً من الندوات والمؤتمرات المتخصصة وفاز بالعديد من الجوائز وكرم من قبل كثير من الجهات.
للبروفيسور حسن اراء جرئية في كل تلك المجالات مما جلب عليه في كثير من الاحيان رياحاً من الانتقادات التي لم يلتفت كثيرا اليها، ولأنه يركن دوماً الى الاستراحة تحت ظلال الكلمات والتفرغ اليها فقد رفض في فترات عديدة محاولات الاستوزار التي عرضت عليه مراراً. ولعل اكبر مؤسسة تسنم ذراها هي جامعة افريقيا العالمية التي حقق فيها العديد من الانجازات التي بنى عليها كل من جاء بعده، كما تمثل دائماً موقف المثقف من السلطة وكثير من المثقفين لم يجدوا انفسهم ابدأ في قوالب السلطة التي تفرض على من يستجير بها في كثير من الاحيان التزام مواقف لا تتسق مع خياراته التي تتجافى عن القيود، لذلك غالباً ما يتخطى الاستوزار اصحاب الرؤي المستقلة ويبقون على مسافة من السلطان تطول او تتقاصر وفقاً لصروف الدهر ولعل البروفيسور حسن مكي واحد من هؤلاء لذلك ما ان يطرح رأيا حتى تسير به الركبان مما شجع خصومة في ذروة التجاذبات الحادة التي اعقبت سقوط الانقاذ لينشروا عنه مقالا مدسوساً تناوله الكثير من الناس بعبارة وشهد شاهد من اهلها ورغم نفيه نسب المقال إليه إلا انهم اصروا على ذلك التبني ولا يزالون.
وبعد ان اقتلعتنا الحرب من جذورنا وتفرقت بنا المنافي لم يتوسد البروف اسباب الراحة والسكون ليندب حظه ولكنه استجاب لطلب بعض اصدقاءه باعتباره شاهد على العصر وأحد رواد التجديد الاسلامي للمساهمة في موضوع مراجعات حول الحركة الاسلامية، فاتحفنا هذه الايام بسلسلة رسائل تنوير اسماها اضاءات تاريخية قال انها سوف تنتهي برؤية عن مستقبل السودان قد تصيب أو تخطيء.
جاءت تلك الاضاءات على نسق رسائل صلاح الدين القرن العشرين بديع الزمان سعيد النورسي، لأنها لا تختص بالسودان فقط ولكن كحركة اصلاح ديني برزت في القرن الثامن عشر وبدأت بها الحركة الاسلامية الحديثة وقد بدأ هذه الحلقات بالامام شامل باساييف قائد الحركة الاسلامية في داغستان أو الشيشان، ثم تحدث عن راود التجديد في القرن الثامن عشر ومنهم محمد بن عبد الوهاب الذي اسس مع محمد بن سعود الدولة السعودية الاولى ثم عثمان دانفوديو في نيجيريا وجمال الدين الافغاني في افغانستان وحسن البنا ومحمد عبده وسيد قطب في مصر، ثم تحدث عن تركيا ومصطفى كمال اتوتورك وكيف نجت تركيا من التقسيم بعد انتصارات اتاتوتورك، كما قسمت بلاد الشام بموجب اتفاقية سايكس – بيكو .
تناول البروف أيضا فكر احمد ابن ادريس عن التصوف وحركة المد الصوفي في السودان وفي آخر الحلقات تناول المساعي الجارية لمعالجة جراح الاستعمار بالسعي لمحو آثار سياسة المناطق المقفولة بنشر اللغة العربية والثقافة الاسلامية في جنوب السودان وجنوب النيل الازرق وجبال النوبة وتحدث كذلك عن قيام اسرائيل ودعوة المساجد للجهاد في فلسطين حيث شارك الفدائيون في تلك الحرب وعلى رأسهم الضابط زاهر الساداتي الذي كرمه الملك فاروق باجلاسه الى جواره في زيارته الى الجيش المصري هناك.
إن تلك الحلقات منشوره بفضل الله على وسائل التواصل الاجتماعي وهذه دعوة مني للاستماع اليها وتحريرها في كتاب لمن استطاع الى ذلك سبيلاً، وإياكم أعني يا اخوة وتلاميذ البروف، كما ارجو من بروفيسور حسن مكي تناول تجربة حزبين كبيرين آخرين هما حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي لانهما بالإضافة إلى اعتمادهما على طائفتا الانصار والختمية كان برنامج عملهما في آخر انتخابات خاضاها هما (الصحوة الاسلامية) بالنسبة لحزب الامة و(الجمهورية الاسلامية) بالنسبة للحزب الاتحادي الديمقراطي.