خبير امني : جدة المخرج الوحيد لإنهاء الحرب
محلل سياسي: الولايات المتحدة والمسهلين مسئولين من استمرار الحرب
تقرير: محجوب ابوالقاسم
في خضم اشتعال الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، يبرز اتفاق جدة كأحد المعالم البارزة التي قد تشكل تحولا جوهريا في مسار الأزمة ووسط تصاعد العنف لم يكن من الممكن الوصول إلى هذا الاتفاق إلا بتدخل الوساطة الأمريكية التي لعبت دورا محوريا في تقريب وجهات النظر بين الجيش والقوات المتمردة، ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية يطرح السؤال عن مدى تأثير هذا الاتفاق على استقرار السودان وعلى الحراك الانتخابي في الولايات المتحدة.
*اهمية الاتفاق:*
قال المحلل الاستراتيجي د. الضو زكريا ان اتفاق جدة جاء في ظل تصاعد أعمال العنف في السودان وتدهور الأوضاع الإنسانية، إذ هدف الاتفاق إلى تحقيق تهدئة شاملة تمهد لوقف إطلاق النار، وتفتح الباب أمام مفاوضات سياسية يمكن أن تنهي الأزمة المستمرة ورغم التباين في الرؤى بين الجيش والمليشيا، فقد وافق الطرفان على الدخول في هذا الاتفاق بفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها الوساطة الأمريكية واضاف زكريا قائلا إذ التزمت المليشيا بتنفيذ هذا الإتفاق كانت الحرب انتهت من مايو ٢٠٢٣م ولكن بتعنت المليشيا لازالت الحرب مستمرة واردف قائلا بان الولايات المتحدة الأمريكية والمسهيلين ايضا هم مسئولين من استمرار الحرب لانهم لم يمارسوا اي ضغوط على القوات المتمرد لتنفيذه.
*دور الوساطة الأمريكية:*
تلعب الولايات المتحدة دورا رئيسيا في المشهد السوداني، ليس فقط كوسيط بل أيضا كقوة عالمية تسعى لتحقيق الاستقرار في منطقة ذات أهمية استراتيجية فمنذ بداية الأزمة، كانت واشنطن تسعى لدفع الأطراف المتنازعة نحو طاولة المفاوضات، مدركة أن نجاح الوساطة يمكن أن يحسن من صورتها دوليا وداخليا، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.
*التأثير على الانتخابات الأمريكية:*
في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لخوض غمار الانتخابات يتزايد الاهتمام بالسياسة الخارجية كعامل مؤثر في تحديد اختيارات الناخبين ، يمكن للاتفاق أن يشكل ورقة ضغط قوية يستخدمها المرشحون في حملاتهم الانتخابية، خاصة إذا ما نجح في تحقيق الاستقرار في السودان وتجنب انزلاق البلاد نحو حرب أهلية شاملة. فالنجاح في هذا الملف سيعتبر إنجازا دبلوماسيا يحسب لإدارة بايدن، ما قد يعزز من موقفها أمام الناخبين الذين يركزون على السياسة الخارجية وقد يشكل ورقة رابحة في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، اما في حالة فشل الاتفاق أو استمرار الحرب قد يستغل من قبل خصوم بايدن لانتقاد سياساته الخارجية.
*أهداف الوساطة الأمريكية:*
تهدف الوساطة الى تعزيز الاستقرار الإقليمي حيث يقع السودان في منطقة ذات أهمية استراتيجية وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار فيها يساهم في حماية المصالح الأمريكية في شرق أفريقيا والبحر الأحمر ، بالإضافة إلى دعم صورة بايدن كرئيس دبلوماسي وبالاخص مع اقتراب الانتخابات الرئاسية حيث تسعى إدارة بايدن لتحقيق نجاحات في السياسة الخارجية تظهر قدرته على التعامل مع الأزمات الدولية بفعالية، وهو ما قد يعزز فرصه في إعادة الانتخاب.
اما التنافس مع الصين وروسيا في ظل المنافسة الدولية المتزايدة، تسعى الولايات المتحدة لتأكيد نفوذها في أفريقيا في مواجهة التوسع الصيني والروسي في القارة.
*جدة المخرج الوحيد لإنهاء الحرب*
الخبير الاستراتيجي والامني اللواء شرطة (م) دكتور حسن التيجاني قال ان منبر جدة وما جاءت به من شروط واضحة لحكومة وجيش وشعب السودان ھو المخرج الوحيد لايقاف الحرب اذا تم تنفيذ بنود هذه الاتفاقية وإلا ستستمر الحرب الي ان تقضي علي اخر مليشي متمرد ويعلن الجيش انتصاره ولكن قد تأخذ زمنا ليس في صالح الشعب الذي ارھقته استمرارية ھذه الحرب التي قاربت العامين عاشها حتي الان مشردا وتم قتل الآلاف منه واغتصابهم ونهبهم والاستيلاء علي عقارهم ومنازلهم مما جعل مساندة الشعب للجيش والوقوف لجانبه اكثر وضوحا لقناعته الثابتة سلفا ان الخلاص من هؤلاء الاوباش لن يكون الا بقوة وعزيمة جيشهم الباسل .
واضاف التيجاني بان مساندة الشعب للجيش استنفارا ودعما بالغالي والنفيس حتي يحقق ھذا النصر الموعود هذه الوقفة الشعبية الصلبة ھي التي جعلت الجيش يتخذ قراره الشجاع برفضه الذهاب لجنيف للتفاوض الذي علم كل الشعب السوداني وجيشه بانها محاولات فاشلة كان سيدفع ثمنها كل الشعب السوداني القوي الوطني الجسور اذا لم تتحقق مبادرة جدة والتي حينها كان سيذهب الجيش وھو اكثر قوة وسيادة وعزة وانتصارا.
واردف سعادته بان الان الكرة في ملعب حكومة وجيش وشعب السودان له حق ان يحقق بها اھدافا استراتيجية او انتصارا ساحقا لمليشيا الدعم السريع.. ولكن اخشي ان لم يسارع الجيش في حسم ما تبقي من تمرد منهار مقطوع الإمداد هالك لا حول له ولا قوة، ولكن ربما ھذا التراخي سيمنحه فرصة لالتقاط انفاسه والعودة لميدان المعركة اكثر شراسة من بداية حربه لانه قد يكون دعمه ھذه المرة داخليا بفهم قبلي وخيانة وطنية قذرة حتما ستنتهي ھي الاخرى ولكن قد تطول بها نهاية الحرب التي أوشكت اذا استغل الجيش فرصة الخريف ووعورة الطرق التي لا يعرفها عصابات المليشيا ونهابيها.. وفرصة انقطاع الدعم الخارجي وفتر دول الشر التي كانت داعمة بشدة لهم إضافة لانشغال العالم والأمريكان تحديدا بانتخابات الرئاسة الأمريكية التي سيكون وقعها كبيرا علي انتصار جيش السودان اذا استغلها السودان استغلالا استراتيجيا دقيقا.
*تحديات التنفيذ:*
رغم التوصل إلى اتفاق جدة، فإن التحديات على الأرض لا تزال كبيرة. فالخلافات العميقة بين الجيش والدعم السريع، إضافة إلى الضغوط الخارجية والإقليمية، تجعل من تنفيذ بنود الاتفاق أمراً بالغ الصعوبة. كما أن هناك مخاوف من أن تستغل الأطراف المتنازعة الاتفاق لكسب الوقت وإعادة ترتيب أوراقها العسكرية على الأرض، مما قد يؤدي إلى تجدد القتال بصورة أشد.
*نظرة للمستقبل*
يبقى اتفاق جدة فرصة مهمة لتحقيق السلام في السودان، لكنه يظل رهينا بتنفيذ بنوده من قبل الدعم السريع والالتزام بتعهداته لان الجيش السوداني اكد ان هذا الاتفاق ومخرجاته هو الاساس لكل مفاوضات قادمة، أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن نجاح أو فشل هذا الاتفاق قد يلعب دورا كبيرا في تحديد ملامح المشهد الانتخابي المقبل في كلتا الحالتين، سيظل السودان اختبارا حقيقيا لقدرة الدبلوماسية الدولية على حل ازمة الحرب، وتأثيرها على السياسات الداخلية للدول الكبرى.