رسالة في بريد مجلس الوزراء.. (ثم ماذا بعد غياب الحوري)؟
ذهب الأستاذ محمود سر الختم الحوري إلى الرفيق الأعلى بكل هدوء ، بعيداً عن زحمة الامتحانات و قيود البروتوكولات …
كان يبدو لمن يراه من شدة همته و الضغط على نفسه لإنجاز مهامه أنه سيلقى ربه إما ماشياً ، أو متحدثاً . و ما بين سفره للقاهرة و خطابه لندوة مديري المدارس بمصر صدق نبوءة ! …
نسأل الله له المغفرة والرحمة …
بعيداً عن الانتماءات و الكلام الرنان و ما حاك في الصدور من ران نشهد أن الرجل كان هميماً في عمله ، و نديماً في تعامله ، يجود بصدقاته و إن (أخفاها) فظاهرها تبسمه في وجه أخيه ، و لا نزكيه على الله …
اذا وضعنا الحوري كظاهرة كونية كالشمس مثلاً ، ليس لأنها ساطعة وظاهرة فحسب ، بل لأن هناك ظواهر كونية عديدة مرتبطة بها ، و تدور في فلكها لتستمد نورها من ضوئها ، و هي في قربها و بعدها عن الشمس لها مهام و فوائد يعلمها الله أقلها أن نهتدي بها ( و النجوم مسخرات بأمره ) …
و الشمس رغم هالتها و هيبتها و أهميتها و مركزيتها إلا أنها لم تستغني عن بقية الكواكب الأخرى لأن بينها تشبيك في الأدوار و تدور مع تعاقب الليل و النهار ( لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر و لا الليل سابق النهار ) …
فالحوري رحمه الله كان مديراً عاماً للامتحانات ، و وزيراً و وكيلاً للتربية و التعليم في آن واحد وهذا بالطبع ليس (شأنه) إنما هو تقدير السلطات و ما كان عليه إلا الاستجابة . و ظني أن تقدير السلطات هنا لم يكن (صائباً) في تقدير طاقة الرجل الجسمية و العقلية ، و تضعه في ثلاث وظائف ( تشبيكية ) كأنما أرادت أن تستنفد طاقاته غير آبهة للتغيرات العمرية ، و الوخزات المرضية التي تلازم الإنسان كلما تقدم عمراً ، و أرهق بدناً و عقلاً . و هذا يقودني لسؤال :
هل كانت السلطات متحسبة لذهاب أهل الدثور بالإجور ؟؟؟ …
فإذا كان الحوري أفنى عمره و زهرة شبابه و أرهق عقله و بدنه ، و نال من أجر العمل و أعني ( ثوابه ) .
هل ترك من أثره بقية ( مما ترك آل موسى و هرون ) ؟ …
و هل تحسبت أن تضع بجانبه ( هرون ) ليشدد به أزره و يشركه في أمره و يخلفه عند سفره ؟؟
هل خلقت حوله كواكب كالزهرة و عطارد لتسمد من ضوءه ؟ ..
أظن أن الحوري شمس أفلت وكان بينها و بين عطارد و الزهرة و الأرض مسافة لم تقدرها السلطات . و سيظهر بون هذه المسافة في الأيام القادمات …
لعلي بهذا التعليق المقتضب أردت الإشارة إلى النعي الذي نعيت فيه الحوري بعنوان ( نعي و اعتبار ) …
و غياب الحوري فيه عبرة للسلطات لكيفية سد الثغرات ، و التحسب لأن بعد الحياة ممات ، و الحياة سنة ماضية و الممات سنة قاضية ، فلنمض مع الماضية و نتحسب للقاضية ….
و ظاهر القول :
قد خلِّف الحوري سيرة حافلة بالبذل و العطاء ، لكنه ذهب بخبراته و لم يتمكن منها احد قبل مماته ! …
فاعتبري أيتها السلطات !! ..
و الله المستعان
الغالي الزين حمدون
معلم بالمعاش .
٢٠٢٤/٨/١٩ م
إرسال التعليق