لم يكن أمرا مدهشا رفض الحكومة السودانية لمفاوضات جنيف.. هذا المنبر الذي اقترحته الولايات المتحدة الراعي الأساسي لمنبر جدة هذا الوضع أثار حيرة وحرك تساؤلات كثيرة أهمها لماذا منبر جديد والراعي هو الراعي خاصة ومنبر جدة حقق اتفاقا مبدئيا وقع عليه وفد الحكومة والمليشيا..
إذن طرح منبر جديد من الراعي نفسه لمنبر جدة يعني باختصار أن منبر جنيف يجب ما اتفق عليه سابقا في جدة ولعل هذا هو السبب الرئيس لابتدار منبر جديد في جنيف وقد تواترت الأنباء عن رفض الولايات المتحدة في المشاورات التي جرت في جدة لأن تكون جنيف امتدادا لجدة.. ولمح لذلك الوزير أبونمو في توصيته لقيادة الدولة.
إصرار كبير من امريكا على مفاوضات جنيف حيث رتبت كل شيء حشدت الوفود من قحت ومنظمات تدور في فلكها في جنيف من وقت مبكر وانعقاد الورش المصاحبة للمفاوضات ودعوة الدول الراعية مصر والسعودية والإمارات مع حضور مبكر لوفد المليشيا.. انطلقت المفاوضات من غير الطرف الرئيس فيها وهو الحكومة السودانية ودي طبعا حاجة غريبة ان تتم مفاوضات من غير الطرف الأصيل فيها ما يجعلها أشبه بالمؤامرة خاصة في وجود الإمارات وتقدم والمليشيا.. لكن هذا السلوك ليس غريبا على أمريكا التي حددت كل شيء دون مشاورة الأطراف الأصيلة حيث حددت جنيف واختارت مصر والسعوية والإمارات مراقبين وحددت اليوم واختارت التنظيمات والمنظمات المشاركة في الورش وحددت التاريخ ولم تتوقع أن يتأخر أحد عن هذه الدعوة التي هي في حقيقتها استدعاء امريكي يجب تنفيذه .
هذا الوضع جعل هذا المنبر فارغ المضمون وغاية مايمكن أن يتوصل إليه دون مشاركة الدولة هو أن يصدر توصيات تدعو باحتلال البلاد طبعا التوصيات صادرة من ورش العملاء (ساكني فنادق جنيف بالأموال الإماراتية) المصاحبة للمفاوضات مما يجعله أداة ضغط اكثر منه أداة حل.
إن دخول قوات أممية تحت البند السابع سيجد الفيتو الروسي والصيني حاضرا مما يجعل هذا الامر غير ممكن ويبقى خيار التدخل عبر قوات أمريكية خارج إطار الأمم المتحدة وهذا أيضا مستبعد بسبب التجارب الأمريكية الفاشلة في تدخلاتها السابقة مما يجعله أيضا خيارا مستبعدا ويبقى خيار أخير وهو مواصلة دعم المليشيا بالسلاح لخلق واقع أكثر تعقيدا على الأرض يجبر الحكومة على القبول بكل شروط المليشيا وحليفتها تقدم ولعل هذا ماسيحدث ولكنه أيضا سيجد بعض العقبات والصعوبات بعد ضغط الزغاوة على حكومة تشاد بعد انتهاكات المليشيا الفظيعة في الغرب عامة وضواحي الفاشر خاصة ومحاولة استئصال الزغاوة من إقليم دارفور.
موافقة رئيس مجلس السيادة لانسياب المساعدات عبر معبر أدري الحدودي أيضار ربما بسبب التعويل على ضغط الزغاوة على حكومة تشاد كي تمنع اي تسرب للسلاح للمليشيا مع المساعدات الإنسانية.
الحكومة السودانية تتعرض لضغط شعبي رهيب رافض لأي مفاوضات تعيد إنتاج المليشيا بأي شكل من أشكالها وتحديدا الدور العسكري.. فلا يتصور مواطن التعايش مع كيان عسكري غير الجيش والجيش فقط واليوم خرجت مسيرات هادرة في اكثر من مدينة عقب صلاة الجمعة تندد بمؤمرات جنيف ورفض اي دور للمليشيا في مقبل الأيام.
السلام مطلب شعبي.. سلاما يقوم على تسريح ومحاكمة المليشيا على كل جرائمها وإلى ذلك الحين علينا بالصبر الجميل والدعاء المتواصل.