(فنجان الصباح) أحمد عبدالوهاب: قضية إعمار السودان.. معركة كرامة مستمرة
بأكثر من تصور أكثر المتفائلين بانتصار الجيش وانكسار المليشيا، تتسارع خطوات تحرير البلاد من دنس التمرد ورجس المليشيا.. فبنهاية هذه الفترة العصيبة سيكون أهل السودان قد عادوا من جهاد التحرير لجهاد التعمير.. وسيجدون أشلاء دولة تم تحطيمها عمدا وبقايا بنيات ومؤسسات جرى تدميرها أو حرقها غلا وحسدا.. فضلا عن أسواق تمت سرقتها ومنازل مواطنين باتت خاوية على عروشها.. وسيكون لزاما علينا ان نعيد كل ذلك سيرته الأولى مهما كلف من أثمان.. ويبقى هذا هو التحدي الحقيقي إلى إشعار آخر.. وفاء لتضحيات الرجال وأرواح الشهداء والجرحى ودموع الثاكلات..
ستكون مرحلة الإعمار والتي لا تقل صعوبة وفداحة عن مرحلة التحرير فترة مفصلية في تاريخ بلادنا.. يتعين ان يتم فيها تصفير عداد السبهللية و الفوضى والانجاز الني والخطط الفطيرة..
هذه المرحلة الخطيرة لابد ان تنهض فيها مشروعات الإعمار وفق خطط سليمة وهادية واهداف واضحة وأفكار متماسكة وضمائر نظيفة و عناصر نزيهة.. وبدون ذلك سنكون كمن يريد ان يشيد ناطحة سحاب فوق رمال متحركة او يبني برج اتصالات جديد على شفا جرف هار.. وكمن يريد أن يكلفت واجبه للحاق بسوق مواسير آخر ..
كل ذلك يرتب على ولاة الأمر مسؤوليات جليلة فلا يدعوا قضية الإعمار الاستراتيجية نهبا لمصالح البعض أو مزاج آخرين .. يتعين على الدولة أن تأخذ هذا الكتاب بقوة، وأن تخرج من ضيق سياسة رزق اليوم باليوم إلى وروعة الفكرة وسعة الخطة والفكر الجمعي.. اننا في انتظار ان يكون للدولة جهاز مركزي للتخطيط ومفوضية قومية للاعمار لا يمر مشروع كبير أو صغير إلا عبرها.. مفوضية ينتدب لها أهل الكفاءة والاختصاص وأرباب الهمة والصدق والإخلاص..
فحذاري ثم حذاري من ترك مشروع إعمار السودان تحت رحمة السماسرة وأرباب المصالح والورقات الثلاث واصحاب الارتباطات الاقليمية والدولية.. قضية الاعمار اكبر واخطر من تركها للولاة والوزراء والدستوريين المسافرين إلى الكوميشن على متن كرامتنا بالدرجة الأولى الممتازة.. ان اعداد مشروعات الاعمار المدروسة جيدا والمستوفية كافة المعايير الوطنية والدولية مسؤولية مفوضية الإعمار..
ان من الخطورة بمكان اعتبار مرحلة الاعمار التاريخية مولدا للنهب السريع وثراء الافراد او المؤسسات على حساب الوطن.
إننا لن نكف عن المناداة بإنشاء هكذا مفوضية تنشأ على عين مؤسسات الدولة ورقابتها اللصيقة..
ان تضافر جهود مؤسسات الدولة هو صمام الأمان من خطر ضياع حقوق المواطن أو ثروات البلاد.. فمؤسسات الدولة هي أكبر عدو للفساد.. وتجربة مابعد أبريل ٢٠١٩ ومابعد أبريل ٢٠٢٣م
أكبر شاهد ودليل.. لقد كان الهدف تدمير دولة المؤسسات لصالح دولة الأسرة وسطوة المليشيا..
قضية الإعمار أمانة في أعناقكم
وحذاري أن تدوها للطير بعد أن ( تلبن)..
إرسال التعليق