التعديلات الوزارية تأخرت كثيراً.. ولكن!
خالد الاعيسر أدرى بميدان المعركة وأدوات العدو الإعلامية
أعداء السودان بذلوا امكانات ضخمة للإعلام المنحاز للمليشيا
3 رسائل مهمة للاعلاميين أثناء وبعد إنتهاء الحرب
نرفع القبعات تحية للإعلام الوطني القومي والولائي على الصمود والنهوض من ركام الحرب
حوار: محجوب أبوالقاسم
في عالم يشهد تغييرات سريعة في مجالات الإعلام والثقافة، يظل دورهما في تشكيل الرأي العام والحفاظ على الهوية الوطنية محورا أساسيا لا يمكن تجاهله وفي قلب هذه المعادلة يأتي دور الشخصيات التي ساهمت بفاعلية في توجيه الإعلام الثقافي وتطويره، خاصة في أوقات الأزمات.
ضيفنا اليوم هو أحد الخبراء البارزين في مجال الإعلام والثقافة، الذي تقلد منصب وكيل وزارة الثقافة سابقا، وواكب عن كثب معركة الكرامة بمختلف تفاصيلها، سوف نتناول معا أهمية الإعلام في تلك الفترة العصيبة، وكيف استطاع أن يسهم في نقل صورة حية للمعركة، فضلاً عن تأثير الثقافة في تعزيز روح المقاومة والكرامة في نفوس الأفراد والمجتمعات.
نلتقي اليوم مع شخصية رفيعة في المجال الثقافي والإعلامي والاكاديمي لتسليط الضوء على العديد من القضايا الهامة، من بينها الدور الحيوي للإعلام في تعزيز المواقف الوطنية والتاريخية، وتحديات الثقافة في عالمنا المعاصر ، (المقرن) التقت بالدكتور عبد الإله ابوسن فإلى مضابط الحوار:
*كيف ترى تأثير الإعلام في توثيق أحداث معركة الكرامة على الوعي العام؟
في البدء كانت الكلمة ولابد من تحية إجلال وتقدير للإعلام الوطني ومؤسساته المتعددة وجميع العاملين به على مواقفهم الوطنية والقوية خلال هذه الحرب المدمرة التي استهدفت البلاد في هويتها وبنيتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بل في كل المجالات.
ومن خلال التدمير الشامل للبنية الإعلامية القومية في العاصمة المثلثة واغلب الولايات والتي نسجت خيوطها بليل داخل السودان وخارجه وما معركة تحرير الاذاعة والتلفزيون الا شهودا ماثلا على ذلك الاستهداف.
من خلال كل ذلك لابد أن ترفع القبعات للإعلام الوطني القومي والولائي على هذا الصمود والقيام من وسط هذا الركام منطلقا بصوت قوي بصورة باهرة وكلمة ناجزة ليقول انا السودان، واعتقد أن التصدي والمناجزة الإعلامية كان عظيما وداعما للتصدي الميداني والقتالي الذي بذلته قواتنا المسلحة والقوات النظامية الأخرى وحركات الكفاح المسلح والمستنفرين وماتزال المعركة مستمرة والنصر قادم باذن الله، وان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ونصر من الله وفتح قريب.
تحديات الاعلام متجددة
*ما هي أبرز التحديات التي تواجه الإعلام في تغطية الحروبات من منظور ثقافي، خاصة في ظل الأحداث الراهنة؟
رغم التطور المذهل الذي شهده حقل الإعلام خاصة الإعلام الجديد ووسائطه المتعددة ومواقع تواصله الاجتماعي، الا ان التحدي أمام الإعلام يتجدد مع تجدد هذه التقنية سلما أو حربا ولاشك أن دور الإعلام في ظروف الحرب ازداد أهمية وخطورة في ذات الوقت وهذا ما تؤكده التغطيات الإعلامية لمناطق الصراع والنزاعات في العالم اجمع والتي تفرغ لها القنوات والوكالات والصحف غيرها من الوسائل الإعلامية فرقا كاملة ومراسلين بكل امكانياتهم وبرمجة تكاد تغطي كل ساعات اليوم ولأن الحرب في السودان اليوم تقف خلفها دول ومنظمات ولوبيات اقليمية وعالمية وتصورها كأنها صراع بين جنرالين أو طرفي نزاع وتطرق على هذا الفهم بشدة دون كلل أو ملل مثلما استأجرت مرتزقة للقتال بجانب المليشيا ايضا قد استأجرت مرتزقة للإعلام وبكل أسف من كانوا بيننا لوقت قريب لذلك يبقى التحدي امام الإعلام الوطني الانتقال من خانة الدفاع الي قلب الهجوم واحراز الأهداف في مرمى المتآمرين واذنابهم واعتقد أنه قد نجح إلى حد ما في ذلك ولكن المؤامرة كبيرة والزاد قليل، واعتقد أن توحيد الخطاب الاعلامي وتوظيف الوسائط المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي والحضور الفعال والمشاركة والتفاعل معها وتوضيح الحقائق عبرها هو وارد الوقت وواجب اللحظة، وهنا لابد من تحية لعدد من الاخوة الإعلاميين الذين قاموا بزيارات داخلية وخارجية ونقلوا نبض الوطن وتفاعل الجماهير وحقائق المؤامرة من قلب الاحداث وأوصلوا صوت السودان لمختلف المحافل مما افرز نتائج إيجابية وادانات اقليمية ودولية للمليشيا المتمردة وبالرغم من انها خجولة ولكنها سائرة في تصنيفها كجماعة إرهابية.
ولكن يظل التحدي قائما خاصة أمام وزير الثقافة والإعلام الجديد وهو من الذين شاركوا في هذه الزيارات.
تعزيز الهوية الثقافية
*كيف يمكن لوسائل الإعلام المحلية أن تسهم في تعزيز الهوية الثقافية ؟
لعل البعد الثقافي في هذه الحرب ورؤيتها الاستراتيجية في طمس هوية البلاد وافراغها اثنيا وعرقيا وضرب نسيجها الاجتماعي الذي يمثل وحدة في التنوع لانجده في كثير من البلدان يجعل الاهتمام بممسكات الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي فرض عين لاتصح الرسالة الإعلامية الا به.
تكامل الجهود الاعلامية
*ما الدور الذي يلعبه الإعلام في تشكيل الروايات المختلفة حول الحرب، وكيف يؤثر ذلك على المجتمعات المحلية؟
هنا ينبغي أن يتكامل الجهد الاعلامي الرسمي والشعبي على المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية لنشر الوعي بهذه المؤامرة وإزالة الغبش الذي تحاول جاهدة بعض الجهات بآلتها الإعلامية المعادية أن ترسمه بصورة خوف التطور إلى حرب أهلية وقبلية وهم الذين استجلبوا لهذه الحرب المرتزقة وعربان الشتات وماجوري البنادق والقناصات الذين استهدفوا المجتمعات المحلية وعملوا فيها القتل والنهب والاغتصاب والتشريد والنزوح فبرزت في مواجهة ذلك هبات اجتماعية ومحلية أظهرت القيم الحقيقية للشعب السوداني في النجدة والتكامل والتكافل والشهامة.
محور ارتكاز الرسالة الإعلامية
*كيف يمكن للإعلام أن يوازن بين تقديم المعلومات الدقيقة وتحقيق الرغبة في تقديم تغطية مثيرة للاهتمام؟
المصداقية تمثل محور الارتكاز وعظم الظهر الذي يقوم عليه بناء الرسالة الإعلامية وهو الحمى الذي يدور حوله اهل الإعلام ويجتهدون في تصويره ويزينونه بالقوالب الجاذبة وقد أثرت فنون الدعاية والاعلام بتقنياتها وحركة ادواتها المدهشة والمثيرة تاثيرا كبيرا على الرسائل الإعلامية الجادة مما حدى ببعض ناقلي الاخبار ومخرجيها لادخال بعض الحبكات والمفردات التي تثير رغبة المستمع والمشاهد في المتابعة وربما تقوده إلى ماتريد تلك الجهات ان تسوقه اليه بنوع من التضليل ولكن سرعان ماينكشف زيف هذه المقبلات والتي ايضا قامت لمناهضتها مدارس إعلامية كثيرة تجلي الحقيقة وتفضح هذا الزييف رغم قوة ادواته ووسائله واتساع مدى تأثيره.
من هنا يحتاج الاعلامي للموازنة بين المصداقية والإثارة دون إفراط أو تفريط خاصة في نقل أحداث ووقائع هذه الحرب الشاملة التي أثرت تاثيرا كبيرا على بلادنا في كل مناحيها وفي كل مجتمعاتها باشكالها وتنوعاتها المختلفة وهذا يفرض على الجهات المسئولة تسهيل تمليك المعلومة واتاحتها بصورة عاجلة للإعلام حتى لا يؤجل خبر اليوم إلى الغد ويأتي بعد ان تعم الاخبار من جهات وقنوات أخرى داخل وخارج البلاد والقرى والحضر ، ولذلك تبقى الموازنة بين المعلومات الدقيقة والإثارة في التغطية هي الامتحان الذي يدخله اهل الإعلام في هذه الظروف ولابد لهم ان يجتهدوا في أن يحققوا النجاح في هذا الامتحان.
*ما هي الرسائل الثقافية التي يجب أن تنقلها وسائل الإعلام خلال هذه المرحلة، وكيف يمكن أن تسهم في تحقيق مصالحة مجتمعية بعد انتهاء الحرب؟
هنالك العديد من الرسائل الثقافية مطلوبة من وسائل الاعلام في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا لتحقيق المصالحة الوطنية اثناء وبعد الحرب ،ويمكن ان نقول الرسالة الثقافية الاولى التي يجب ان تركز عليها وسائل الإعلام محاربة الاتهامات والإدانة على طريقة الكوتة بالنسبة للقبائل والمناطق والمجموعات الإثنية والجغرافية ولكن في ذات الوقت لابد من توجيه الاتهام مباشرة لبعض القيادات القبلية التي انحازت إلى المليشيات المتمردة ودعت صراحة إلى دعمها بانضمام بعض أبنائها ومنسوبيها الى هذه المليشيا.
الرسالة الثانية يجب التاكيد على ان الخير في امة السودان باق مهما تراكمت عليها الممارسات الشنيعة والتأكيد على انها لا تشبه قيمنا وأعرافنا وتقاليدنا وانما الذين يقومون بهذا في غالبهم لا ينتمون إلينا و إنما أتونا من خارج الحدود مهما تجملوا بأزيائنا وشعاراتنا وزعموا انهم يحاربون دولة 56 والفلول او غيرها من تلك الشعارات الفارغة المحتوى والمضمون.
الرسالة الثالثة المهمة جدا في هذا السياق هي تحويل حالة النزوح والتشرد إلى قيم ومعاني إيجابية باعتبارها هجرة في ارض الله الواسعة فرضتها ظروف الظلم والعدوان وتوليد طاقات إيجابية مفاهيمية وعملية لكل من لجأوا ونزحوا تسهم في العودة لإعادة الإعمار ، فالحرب مهما استطال أمدها فإنها إلى زوال لذلك لابد من رسائل تطمينية لهؤلاء اينما كانوا واينما حلوا
التعديلات الوزارية
*كيف تقرأ التعديلات الوزارية التي اعلنها البرهان، من حيث التوقيت والاشخاص؟
من حيث التوقيت وحسب إفرازات هذه الحرب الكارثية على واقع المواطن يمكن القول انها تأخرت كثيرا مع تقدير للجهد الذي بذله من شملهم التغيير من الوزراء ولكن تقديرات القيادة العسكرية وماحققته من نجاحات مقدرة على الصعيد قياسا على العدة والعتاد والأفراد التي جهزتها المليشيا المتمردة وتوضع هذه التقديرات في الاعتبار ومازال الوقت متاحا للوزراء الجدد لوضع بصمتهم واسهامهم في معركة التحرير الكامل والفتح المبين.
الاعيسر وحقيبة الاعلام
*تم تكليف خالد الاعيسر بحقيبة الثقافة والاعلام،، ماهي ابرز التحديات التي يواجهها وبماذا تنصحه؟
الاخ الوزير الاستاذ خالد الاعيسر رجل لاتقتحمه العين رمز سوداني إعلامي مشرف له من التأهيل والتجارب والمواقف خاصة في التصدي للهجمة الإعلامية الشرسة المخدومة ضد البلاد في فترة الحرب وماقبلها وله مايؤهله لتولي هذا المنصب الأهم في الكابينة الوزارية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ السودان ويكفي انه سيكون الناطق الرسمي باسم الحكومة بعد أن كان ناطقا رسميا باسم كل الشعب السوداني له التحية والتقدير وصادق الدعوات ولا احسبه يحتاج مني الى نصح فهو ادرى منا بميدان المعركة وبادوات العدو والصليح البين بما فيها الإعلامية وهو الحكيم الذي ارسلناه ولا نوصيه.
لا اتفق مع هذا القول
*دوما يتم توجيه انتقادات حادة لعدم اهتمام كل وزراء الاعلام بالجانب الثقافي، الى ماذا تعزي التركيز على الجانب الاعلامي وحده واهمال الشق الثقافي؟
أن كنا نحن نتجادل بأيهما أولى بالاهتمام الثقافة ام الإعلام فإن الحوار يدور الآن في اروقة أخرى بحثية ووزارية وتنفيذية حول هل هناك حوجة هذا اليوم لوزارة للإعلام ولقد اتخذت العديد من الدول قرارها بالغاء وزارة الاعلام تمام ، ولكنها خربتها بالباب وعادت صلاحيتها بالنافذة تحت مسميات جديدة وانا لا اتفق مع القول أن كل الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة اهتمامهم الأكبر بالإعلام وادو الفتات وفائض الوقت للثقافة بل ازيد على ذلك واقول ان وزراء الثقافة والاعلام في السودان هم اهل ثقافة قبل ان يكونوا اهل اعلام لذلك أنا لا اتفق مع هذا القول
وفي كثير من الأحيان صارت الثقافة وزارة لوحدها والاعلام كذلك وانا قد عملت وكيلا لوزارة الثقافة لوحدها في فترة سابقة ، وربما دمجت مع كل واحدة منهما السياحة للثقافة مثلا والاتصالات للإعلام وفي رائي أن الثقافة والاعلام وجهان لعملة واحدة لكن صورة البنك المركزي وتوقيع المحافظ في الواجهة التي يمثلها الاعلام، كيف لا والاعلام اليوم حاكما يتقرب اليه ويقربه الملوك والرؤساء وكبار اهل المال ومؤسساته بل أصبحت بعض مؤسسات الإعلام أو تقناياته الجديدة من اكبر المؤسسات ذات الراسميل الخرافية ، مازلنا في السودان نحتاج أن تكون لنا وزارة في الثقافة والاعلام بل اقول وزارتين وان كانت واحدة فلتكن للثقافة ويكون للإعلام ووسائله مؤسسة كبرى
ومع التدمير الشامل الذي احدثته هذه الحرب اللعينة التي كتبت علينا وهو كره لنا بعد انتهاء أجلها المكتوب ان نبدأ حملة اعمار واسعة وبرؤية جديدة ولبناء مؤسساتنا الثقافية قبل الإعلامية لأنها تمثل هويتنا وتاريخنا وارثنا الحضاري ويأسف على المتاحف والآثار والمسارح ودار الوثائق والمكتبات والصالات التي طالتها نيران الاوباش واحقادهم فزروها قاع صفصفا لنعيد بنائها من جديد معاني ومباني تحقق وحدة وطنية وتنوع ثقافي يظهر مع عيد موسيقى ومراكز ثقأفة وفنون وابداعات توثقها لنا وزارة إعلام جديدة تفتح الباب ضلفتين ونخرج في ثوب جديد ونستقبل فرحا عديلة وزين كبنيات تسر العين وتدريب وتأهيل يعيدنا لسيرتنا الأولى يوم أن بنينا واسسنا واعلمنا وثقفنا الكثير من البلدان والشعوب ولكن الوفاء قليل بهذا الزمان
دور الاعلام في معركة الكرامة
*هل تعتقد ان الاعلام قام بدوره خلال معركة الكرامة؟ وماهي ملاحظاتك على ذلك؟
الإعلام السوداني تجاه معركة الكرامة منقسم إلى قسطاطين أحدهما وطني غيور على بلده واهله ومنحاذ للقوات المسلحة وداعميها من القوات الأخرى ومعتبرا مليشيا الدعم السريع قوات متمردة ومنشقة على قيادة جيش السودان واعلام اخر منحاز للمليشيا وداعم لها وهذا في رائي مبذولة له امكانات ضخمة وآلة عاتية سخرها اعداء السودان لهزيمة الوجود والمشروع القومي الوطني السوداني وفي رائي أن الإعلام الوطني السوداني وآلياته ووسائطه ومواقعه والمنتمين إليها ورغم التدمير الشامل الذي استهدف البنية التحتية الإعلامية واصابها إصابات بالغة ومازالت تنزف إلا أنه قد نهض في حلبة الصراع قبل أن يكمل الحكم الممتاز عده وظل يقاوم ويقاتل بالكلمة والصورة والقلم والكيبورد وقطعا في ظل ظرف كهذا لن يكون الإعلام مثاليا وتصاحبه بعض الأخطاء والتجاوزات المتقطعة والتي يمكن تداركها ومعالجتها وأهل الإعلام ادرى بذلك واقدر على المعالجة ووضع الحلول.
اقول لقيادة البلاد وحكومتها وشعبها ابذلوا بلا حساب وقدموا كل اشكال الدعم للإعلام الوطني المجاهد فهو الآن في ميدان معركة وجودية ومؤامرة إقليمية ودولية تستهدف إستئصال شهفة هذا الوطن الفسيح المسماح والذي ترعاه العناية بإذن الله وبحوله وللزملاء في حقل الإعلام بمختلف وسائطه اصبروا وصابروا ورابطوا وانكم بإذن الله غالبون ومنتصرون ولأهلي وعزتي في كل ربوع سودان العزة والصمود صبرا وجهدا وسعيا ودعاء لاينقطع وأمل في نصر الله الذي لايخيب وإنه قريب رغم الزلزلة والاذى والبغي والعدوان ولكم أعزائي في صحيفة (المقرن) التي ولدت باسنانها ولقرائها وافر الشكر وعظيم الامتنان وكل التقدير واعز مكان عندي السودان.