الفريق أول دكتور ركن كمال عبدالمعروف الماحي بشير.. رجل ذو سيرة ومسيرة

ليس من طبيعتنا مدح الرجال زورا وبهتانا
***
لا نصفق الا من جوانحنا حتي يفيض القلب اشجانا
***
لاندق طبول النصر في فرح نحفي به طمعا أو نبتغي شأنا
***
لكن مروؤة أهل الفضل تدفعنا دفعنا لنسجد للتكريم إحسانا
***

كتب: العميد د.ركن جمال الشهيد

لقد ضجت الأسافير خلال الأيام القليلة الماضية بالأخبار والكتابات منها المسموع ومنها المقروء ومنها ماظهر علي شكل لايفات قصيرة بذات الطريقة التي تعودنا بها علي تلقي الاخبار اليومية لأي موضوع خاصه اذا كان ذلك يخص تحركات أحد الشخصيات القومية ذات الثقل والأوزان الكبيرة فقد تعودنا علي سرعة التداول والانتشار مثلما تنتشر النار في الهشيم…
ونحن إذ نستقبل في هذه الايام المباركات من تاريخ أمتنا السودانية التي تعودنا دائما الاحتفاء فيها باعياد القوات المسلحة السودانية الباسلة ونذكر فيها البطولات والدروس المستفادة ونستقي منها العبر لاسيما نذكر تلك الشخصيات التي تقف وراء كل انجاز قد تحقق،، مؤسسة القوات المسلحة السودانية زاخره بالقادة السابقين العظماء شأنها كشأن جيوش العالم الاخري وليس ذلك حكرا علي مونتقمري أو روميل أو تشرشل إنما الجيش السوداني به ايضا عظماء فهم كثر فقد سطروا أروع الموافق للتاريخ من خلال التضحيات الجسام التي قدموها فدا للوطن الحبيب و انسانه الكريم من لدن الفريق أحمد محمد حمد الجعلي الذي سودن الجيش السوداني بعد الاستغلال واللواء حسن بشير نصر واللواء طلعت فريد ومن قبلهم البيك باشي عبدالله بك خليل والمشير جعفر نميري والمشير سوار الذهب، اللواء بكري عمر الخلفية واللواء كاكوم واللواء ابوكدوك وتمتد المسيرة ولن تتوقف بإذن الله تعالى الي ان يرث الله الأرض ومن عليها وهؤلاء علي سبيل المثال لا الحصر،، واليوم نتحدث عن رجل خرج من رحم المؤسسة العسكرية السودانية صال وجال في ارجاء السودان المختلفة وقدم الكثير المثير المدهش دافعه في ذلك حبه للجنديه التي انتسب إليها عن رغبه ورضا تام ضمن ضباط الدفعه (29) الكلية الحربية السودانية مصنع الرجال وعرين الابطال،،، رجل ذو سيرة ذاتية ناصعه وتجربه عملية ثره ملئه بالعطاء فمن هو هذا الرجل ….
الفريق أول دكتور ركن كمال عبدالمعروف الماحي بشير
ابن مدرسة المشاة
شاءت الأقدار أن تُبصر عينَا كمال النور في شهر نوفمبر من العام 1957م، بالمكنية غرب شندي بولاية نهر النيل، وهو الشهر المحفور في الذاكرة السودانية، وفي ذاكرة العسكريين تحديداً عندما تسلَّم الفريق إبراهيم عبود مقاليد الحكم في البلاد، لمدة ست سنوات في أول تجربة للعسكريين في حكم البلاد.
كمال بدأ حياته مثله غيره من أبناء أهله؛ فالتحق بخلاوي خالهم الشيخ (حامد أب عصاة سيف) بالمكنية، منتقلاً مع أقرانه لدراسة المرحلتين المتوسطة والثانوية بمدينة شندي، ليُحقِّق حلمه بدخول الكلية الحربية السودانية، مُسجّلاً اسمه ضمن أميز ضباط المؤسسة العسكرية حيث نال كل الدورات الحتمية الداخلية والخارجية للمشاة.
كان واضحاً أن المستقبل الباهر ينتظر كمال في نهاية المطاف، بدليل تأهيله العسكري الرفيع، حيث نال بكالوريوس العلوم العسكرية والإدارية من جامعة مؤتة بالمملكة الأردنية الهاشمية، ونال ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان السودانية، كما حصل على زمالة كلية الحرب العليا من ذات الكلية.
والتحق كمال بمركز جنيف للسلام حيث تلقَّى دورات كبار القادة الاستراتيجيين ودورة السياسات الأمنية والاستراتيجية.

*محطات عملية:

ربما ليس التأهيل العسكري الرفيع هو وحده الذي أوصل كمال إلى رئاسة هيئة الأركان المشتركة، بل دعوات والدته الحاجة / بلقيس سليمان الخليفة، ولعلها تُعتبر القوة الضاربة الوحيدة التي ينهزم أمامها الجنرال كمال، ويرفع لها التمام كُلَّ يوم؛ فالمعلوم صلته القوية والوثيقة جداً بوالدته.
تمتلك والدة كمال ناصية الشعر الذي تجود بها قريحتها في ابنها؛ فكثيراً ما كتبت فيه أشعاراً كانت أشهر قصائدها. عندما تمت محاصرة كمال في منطقة اكوبو بولاية جونقلي الجنوبية في ثمانينيات القرن الماضي قالت: (يجي عايد يجي عايد… بالصحة زايد والملازم يبقى رائد).
لكن الملازم وصل إلى فريق أول بعد أن تنقَّل في العديد من الوحدات العسكرية، وعمل بمدرسة ضباط الصف بجبيت، والكلية الحربية.
وقاد كمال العديد من المتحركات، فكان قائداً لحامية تركاكا العسكرية بالمنطقة العسكرية الاستوائية ، ثم قائداً لحامية كاجوكاجي، وقائداً لمتحرك الأنفال بالاستوائية، وعاد مترقياً، قائداً ثانياً للواء إدارة القيادة العامة.
حدث بعدها تحوُّلٌ في مسيرة كمال العسكرية وعمل ملحقاً عسكرياً مقيم بجمهورية الصين، وملحقاً عسكرياً غير مقيم لكوريا الجنوبية وفيتنام، وعقب عودته من عمله بالملحقية العسكرية ببكين تولَّى إدارة ذات صلة وأصبح مدير إدارة العلاقات الدولية بوزارة الدفاع، وبعدها كلف بقياده الكلية الحربية السودانية وأحدث بها طفرة عمرانية هائله مستفيدا من خبرته العملية السابقة حينما كان معلما بها حيث أصبحت الكلية قبله لكل الوفود التي تأتي للسودان حيث استلم اللواء الركن كمال عبد المعروف الماحي بشير قيادة الكلية الحربية في العام 2009 وحتى أبريل من العام 2012، وخلال فترة قيادته شهدت الكلية الحربية تطورا ملحوظا حيث كان سيادته مهتما بتطوير بيئة العمل والأفراد والعمل الأكاديمي…
في محور بيئة العمل شهدت الكلية الحربية تطورا واضحا في مجال العمران والبناء حيث تم تسوير الكلية الحربية من الناحية الشمالية والغربية والجنوبية بسور شاهق ومرتفع من مواد ثابتة بدلاً عن الأسلاك الشائكة التي كانت تحيط بها وبالتالي تمت إضافة مساحة جديدة مكنت من إقامة مشروعات انشائية حيث تم إنشاء استاد الكلية الحربية في مكان ميدان عبد الله شرف الدين وهو منشأة ضخمة جديدة صارت منارة حيث تشهد كل احتفالات التخريج، كذلك تم أنشاء عدد من الثكنات الإضافية للطلبة الحربين إستيعاب العدد الكبير من طلاب الدفعات المختلفة وكذلك تم إنشاء عدد من المنازل للسيد القائد والسادة الضباط والصف والجنود وكذلك تم إنشاء عدد من قاعات الدراسة ونماذج الرمل وتطوير وتحسين ميادين الرياضة واماكن الأنشطة المختلفة للطلبة والحربين وغيرها من المباني الإدارية بالكلية…
في محور التعليم تمت إضافة الكلية الحربية الي جامعة كرري واصبحت إحدى كلياتها حيث يتلقى الطالب الحربي العلوم الأكاديمية ويحصل على بكلاريوس العلوم الإدارية او بكلاريوس اللغات بجانب بكلاريوس العلوم الإدارية وشهدت فترته قبول الدفعات 55-56-57-58-59 في هذا البرنامج. كذلك تم التنسيق مع جامعة كرري وجامعة السودان المفتوحة، تم قبول ضباط القوات المسلحة بالخدمة والمعاش في برنامج (التجسير) للحصول على بكلاريوس العلوم الإدارية ومازال هذا البرنامج مستمرا حتى الآن…
شهدت فترة قيادته تدريب وتخريج عدد كبير من الدفعات الجامعية والفنية ودفعات من ضباط جهاز الأمن والمخابرات الوطني وعدد مقدر من الطلبة الحربين من الدول الصديقة الشقيقة مثل المملكة الأردنية الهاشمية جمهورية جيبوتي الجمهورية اليمنية ودولة النيجر وغيرها…في محور الاهتمام بالأفراد كان سيادته مهتما بتاهيل الضباط والصف والجنود داخليا وخارجيا، حيث تلقى من الضباط عددا من الدورات التدريبية داخل وخارج الكلية
تمت هذه الإنجازات حتى تاريخ تعينه لتحرير هجليج ومن بعد قائدا للفرقة 22 بابنوسة…

في معركة هجليج ابدي سعادة اللواء الركن دكتور كمال عبدالمعروف(حينذاك) نموذجا يحتذي به من القيادة حيث تمني كل ضابط من ضباط القوات المسلحة الانضمام لتلك القوات التي كان يقودها لثقتهم العالية في شخصه النبيل بالاضافه لاحترامه لكل المرؤوسين بمختلف مقاماتهم وكان يعاونه في تلك المهمه التاريخية بالمحور الرئيسي حينذاك
(كادقلي ـالخرصان ـ هجليج) سيادة العميد الركن آدم هارون ، العميد الركن فهمي احمد ضحوي، العميد الركن بحر احمد بحر العميد الركن ربيع موسي فك الله اسره ، المقدم الركن معتصم عبدالله الحاج وفي المحور الثانوي (المجلد -فاما ـ ناما هجليج) الذي كان علي رأس قيادته العميد الركن محمد ابراهيم عبدالجليل (ود إبراهيم) يعاونه العقيد الركن يس ابراهيم عبدالغني رد الله أسره ، المقدم الركن مهندس خالد محمد خير وآخرون.. انتهت العمليات بنصر ساحق للقوات المسلحة السودانية ويعتبر ذلك بمثابة تاج على راس سعادة الفريق أول دكتور كمال عبدالمعروف وكل الذين شاركوا في تلك العمليات..

ومن المحطات المهمة أيضاً في مسيرته الناصعة، حين تولى إدارة شؤون الضباط باعتباره (أقدم لواء بالدفعة 29)، ومنها انتقل إلى نائب رئيس هيئة الأركان عمليات، وأمضى فيها فترة قصيرة، وبعدها أصبح رئيس هيئة الأركان برية ثم مفتشا عاما للقوات المسلحة وفي هذا الموقع أيضا ترك بصمات لايمحوها الزمان حيث إستحدث دورة جديدة تسمي بدورة كبار القادة وهي تعتبر دورة رفيعة المستوى الي جانب اعتماد تحريك اتيام التفتيش للفرق بالولايات المختلفة … بعدها تم تنصيبه رئيسا للأركان المشتركة والتي أيضا كانت فترة مليئة بالعطاء شهدت فيها القوات المسلحة إضافات جديدة في الانفتاح علي العالم الخارجي وتطوير التعاون الدولي مع دول الجوار الإقليمي والعالمي حيث شهدت فترته اكبر مناورة عسكرية تمت بتعاون وثيق مع القوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة علي اتجاه البحر الاحمر الاستراتيجي شاركت فيها القوات الجوية السعودية بعدد من الطائرات المقاتلة وكذلك الحال كانت هناك عدد من التمارين مع الجارة الشقيقة مصر إلي جانب وصول عدد من الوفود العسكرية من الهند وغيرها … كما شارك سيادته ضمن الفعاليات التي أقامتها الولايات المتحدة الأمريكية والتي ضمت عدد كبير من قادة الجيوش علي مستوي العالم…
عقب التغيير الذي تم علي المشهد السياسي والعسكري في العام ٢٠١٩م تفرغ سيادته لأعماله الخاصه بعد فترة عمل طويلة بالقوات المسلحه السودانيه صال وجال فيها في مختلف المسارح ولم يتأخر ابدا عن أي تكليف فكانت لسيرته الناصعه الحافله بالإنجازات والتي جعلت منه شخصية قومية مرموقه ومحبوبه لكل الأوساط فقد عرف بالسمعه الطيبة والنزاهة وحسن الخلق والصرامة في العمل والإصرار لتنفيذ ماتم التخطيط له …

في يوم الجمعه الماضي غادر سعادة الفريق أول دكتور كمال معروف من القاهرة متوجها إلي مدينة بورسودان عبر طائرة بدر وبعد وصوله إلي هناك كان في استقباله عدد كبير من الشخصيات العسكرية والمدنية جاؤوا يؤدوا واجب العزاء في وفاة والدته التي وافتها المنيه بالقاهرة وتم مواراة جثمانها الثري بمقابر السادس من أكتوبر وسط حضور كبير واقيم لها تأبين بمدينة نصر أيضا كان هناك حضور كبير ولافت للإنتباه دلالة علي العلاقات الواسعه التي تحظي بها هذه الأسرة الكريمة..
بالعودة الي بورسودان عقب استقبال المطار فقد واصل سيادته المسير صوب القصر الرئاسي لأداء واجب العزاء في وفاة نجل السيد رئيس مجلس السيادة وشقيقته التي توفيت قبل أيام حيث التقي بالسيد البرهان وقضي معه وقت ،، يذكر أن الرجلان تجمعهما روابط أسرية واجتماعية وهما ينحدران من منطقة واحده وتزاملا بالقوات المسلحة لأكثر من اربعه عقود من الزمان الي جانب العمل سويا بسفارة السودان ببكين والتي سبق فيها سعادة الفريق أول كمال للبرهان .. ومن هنا بدأ الإعلام يتناول الزيارة بتاويلات مختلفه حيث طالعت عددا منها منسوبة لسعادة العميد الركن بحري صلاح الدين محمد كرار والتي تحدث فيها بوضوح عن بعض الملاحظات التي ظهرت من بعض الكتاب والإعلاميين وكانت قد احتوت علي عبارات جارحه في حق الرجل ثم انبري في حديثة و اثني علي شخص السيد الفريق أول د. كمال معروف مشبها شخصه الكريم بالقادة العظماء من الرعيل الاول امثال اللواء حسن بشير نصر وعدد من القادة وختم تسجيله الصوتي بتمنياته للسيد الفريق أول د.كمال معروف بالعودة للعمل للمشاركة في حركة البناء الوطني من واقع الانجازات الكبيرة التي حققها وأشار إلي أنه رجل مرحلة وبرأه من كلما نسب إليه ونحن نوافقه الرأي ..
ايضا من المنشورات التي قرأتها منسوبة للسيد مبارك الفاضل والتي اثني فيها أيضا علي دور السيد الفريق أول د.كمال معروف والتي ختمها أيضا بضرورة العودة للمشاركة في حسم التمرد واعادة بناء الدولة السودانية بعد أن دمرتها الحرب اللعينة …
من المقالات الغريبة التي طالعتها منسوبة لأحد الكتاب المصريين يدعي الشربيني والتي قال فيها إن الحكومة المصرية والأمريكية دفعت بالسيد الفريق أول د.كمال عبدالمعروف لتوصيل رسالة للرئيس البرهان ينصحه فيها بضرورة الالتحاق بمنبر جنيف للتفاوض .

ولكن سرعان ما جاء البيان بالعمل حيث ورد علي صفحه الصحفية الإعلامية المصرية القديرة صباح موسي والتي استنكرت فيها وجود كاتب صحفي مصري باسم الشربيني وإضافت أن ذلك نسجا من الخيال وواصلت قائله ياريت المرة الجايه تمرروا أجندتكم بشخص معلوم وجهه معروفه !!

الذي لا يعرفه الكثيرون عن شخص السيد الفريق أول د.كمال عبدالمعروف أن الرجل ظل يحافظ علي كل علاقاته الاجتماعية التي أكرمه الله تعالي بها بل يعتبر ذلك من الهبات الإلهية التي لاتستبدل بشئ مهما ثقل وزنه حيث شهد له الكثيرون بتبنيه اعمال إنسانية وقبل فترة وجيزة قام سيادته بعمل جوله عريضة لعدد من أسر الشهداء وتفقد الجرحي والمصابين بالمستشفيات المصرية بالقاهرة وكذلك بعضهم زارهم ببيوتهم علي الرغم من فارق السن إلا أنه يري أنه من واجبه أن يتفقدهم كما كان يفعل في السابق أثناء وجوده بالخدمة بالاضافه الي حرصه علي حضور كل الملمات الاجتماعية.. حاليا توجه سيادته صوب مسقط رأسه لتلقي التعازي في والدته الحاجه بلقيس سليمان نسال الله تعالي لها القبول والرحمة والمغفرة والعتق من النار انا لله وانا اليه راجعون..
.
التحية والتقدير وصادق الود لأسرة المرحوم الحاج عبدالمعروف الماحي بشير التي أنجبت الرجال امثال سعادة الفريق أول د.ركن كمال عبدالمعروف والشهيد ياسر معروف والرائد متقاعد بدرالدين نسال الله تعالي أن يشفعه في أهله وان يجمعه بهم ومعهم في اعلي الجنان…

العميد د.ركن جمال الشهيد
الاحد ٢٠٢٤/٩/٨

إرسال التعليق

error: Content is protected !!