هل غادر مناوي بورتسودان غاضبًا؟ وماذا لو رفض العودة؟
متابعات – المقرن
أثار قرار مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، بتكليف والي ولاية وسط دارفور، مصطفى تمبور، بمهام حاكم الإقليم مؤقتًا لحين عودته من جولة خارجية تشمل عدة دول، العديد من التساؤلات السياسية والاهتمام الواسع وسط الناشطين والمتابعين، لا سيما في ظل التصريحات النارية التي أطلقها مناوي خلال اليومين الماضيين، والتي توحي بوجود خلافات عميقة في قيادة البلاد.ورغم أن تكليف مناوي لشخص ينوب عنه خلال غيابه ليس بالأمر الجديد، وكذلك سفره خارج البلاد أثناء الحرب، إلا أن توقيت الإعلان عن القرار هذه المرة أثار قدراً من التوجس والقلق في الأوساط السياسية، خاصة أن الخطوة سبقتها انتقادات وتحذيرات حادة وجهها مناوي للقيادة السياسية والعسكرية، معتبراً أن هناك تقصيرًا في فك الحصار عن مدينة الفاشر.—انتقادات لاذعة سبقت المغادرةاتهم مناوي أحد المسؤولين الكبار في الحكومة بالاستهانة بالحرب خارج مناطق الخرطوم والجزيرة ووسط السودان، مؤكداً أن الحكومة، بعد تحرير العاصمة، تعاملت ببرود مع بقية المناطق.كما حذر من مخطط غربي يستهدف تقسيم السودان، مشيرًا إلى أنه تلقى في بداية الحرب اتصالاً من سفير دولة كبرى سأله عن إمكانية تشكيل ثلاث حكومات: إحداها في الشرق بقيادة البرهان، والثانية في الجنوب بقيادة الحلو، والثالثة في الغرب بقيادة حميدتي.—تأويلات وتطميناتبسبب طبيعة التصريحات الحادة التي أطلقها مناوي مؤخرًا، فسّر البعض تكليفه لتمبور ومغادرته البلاد على أنه قد لا يعود، وربما يبحث عن مسار آخر، من بينها احتمال عقد تفاهمات مع قوات الدعم السريع لفرض التعايش في دارفور.هذا ما دفع تمبور نفسه، الحاكم بالإنابة، إلى نفي تلك التأويلات، مؤكدًا في منشور مقتضب أن القائد مناوي في مهمة خارج بورتسودان وسيعود قريبًا، مشددًا على أن ما يُثار بشأن عدم عودته مجرد شائعات يطلقها “السذج وأصحاب الأجندات”.—مناوي سبق أن غادر ثلاث مراتالصحفي عبدالرؤوف طه أكد أن هذه ليست المرة الأولى التي يغادر فيها مناوي البلاد خلال الحرب، إذ سبق أن قام بجولة أوروبية عاد بعدها إلى بورتسودان، وكان قد كلف حينها بابكر حمدين، وزير الصحة والرعاية الاجتماعية، بمهام الحاكم.وأوضح طه أن بعض ولاة ولايات دارفور احتجوا سابقًا على تكليف حمدين، وطالبوا بأن يتولى أحد الولاة تلك المهام وفقًا لقانون السلطة الانتقالية بدارفور، وهو ما جعل مناوي يكلّف تمبور هذه المرة احترامًا لذلك التوازن.وأشار إلى أن تمبور، بحضوره الإعلامي الكثيف، أعطى الأمر بعدًا إعلاميًا كأن مناوي لن يعود، في حين أن الأمر في حقيقته إجراء روتيني، وأن مناوي سيعود بعد زيارته لأسرته المقيمة في ألمانيا.—مناوي في قلب المعركةمن جهته، قال القيادي في حركة تحرير السودان، فوزي حسن، إن الفريق أول مني أركو مناوي ليس من القادة الذين يتخلون عن المعركة أو يتراجعون عنها، مؤكدًا أن تكليفه لتمبور أمر إداري طبيعي يتم بعلم القيادة.وأوضح أن مناوي ملتزم بتحرير البلاد من قبضة ميليشيا آل دقلو، وأن ما يُثار حول خلافات سياسية مجرد “متاجرة إعلامية” لا أساس لها من الصحة.—في خندق الكرامةأما الناشط علي حسن، فقد وصف مناوي بأنه قائد وطني أصيل تشرب بحب الوطن وقيمه النبيلة، مؤكدًا أنه لم يتردد في الاصطفاف مع القوات المسلحة السودانية دفاعًا عن وحدة وسيادة البلاد.وأضاف: “القائد مناوي يعمل بكل تفانٍ ضمن منظومة الدولة، ويؤمن أن السودان لا يمكن بناؤه إلا بتكاتف كل أبنائه. هو اليوم وقواته في الصفوف الأمامية، جنبًا إلى جنب مع الجيش والقوات النظامية الأخرى، في مواجهة العدو المشترك الذي يستهدف وحدة الوطن”.وأكد أن الشعب السوداني يثق في هذه الجبهة الوطنية، ويتطلع إلى النصر القريب وتحرير كافة أراضي البلاد من قبضة الميليشيات المتمردة، وعلى رأسها مدينة الفاشر.—ذاكرة العام 2010 تعودتعود الذاكرة إلى عام 2010، عندما عاد مناوي إلى مناطق نفوذ حركته في أمبرو وأبوليحمة بعد مشاركته في الحكومة بموجب اتفاق أبوجا الموقع عام 2006، ورفض العودة إلى الخرطوم آنذاك إلا بعد تنفيذ بعض المطالب، معلنًا أن الحرب ستستمر في دارفور إذا لم تُحقق المساواة.وبعد عودته لاحقًا إلى الخرطوم، لم يمكث طويلًا، إذ أعلنت حكومة الرئيس السابق عمر البشير في ديسمبر 2010 إقالته من منصبه بدعوى تعثر تنفيذ الاتفاق، وهو ما اعتبره مناوي خرقًا صريحًا للاتفاقية، محمّلًا المؤتمر الوطني مسؤولية فشل العملية السلمية، ليعود إلى التمرد من جديد في عام 2011 انطلاقًا من جوبا.
إرسال التعليق