محمد مأمون يوسف بدر يكتب :تشييع الحكومة الموازية قبل إعلانها



في ظل تقدم القوات المسلحة السودانيه والأجهزة الأمنية الاخري حيث سيطرت علي كل المرافق الحيوية والعسكرية والخدمية بولاية الخرطوم وولاية الجزيرة ولاية النيل الأبيض وولاية شمال كردفان الأبيض ، برزت مؤخرًا محاولات لإنشاء حكومة موازية مدعومة من جهات خارجية، نتج عنها ما يُعرف بالميثاق السياسي الذي تم التوقيع عليه في كينيا. هذا المؤتمر، الذي تم تنظيمه بدعم مالي وسياسي واضح، أثار ردود فعل قوية من دول عربية وإقليمية، حيث نددت الخارجية السعودية أولاً، تبعتها الخارجية القطرية ثم المصرية، وأصدرت بيانات مشتركة ترفض أي محاولات للإضرار بوحدة السودان واستقراره. وأكدت هذه الدول أن الحكومة الموازية تمثل خطرًا على أمن وسلامة البلاد، خاصة في ظل وجود حكومة شرعية معترف بها دوليًا.

المؤتمر الذي عُقد في كينيا لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان مدبرًا بدقة وتمويل كامل، حيث يبدو أن هناك جهات إقليمية ودولية تقف خلفه. وقبل أربعة أيام من انعقاد المؤتمر، زار الرئيس الكيني الإمارات العربية المتحدة، مما أثار تساؤلات حول الدور الإماراتي في تمويل ودعم هذا الحدث. ومن المعروف أن الإمارات قد قلصت استثماراتها في المنطقة بشكل كبير، مما يدفع للاعتقاد بأن هذا المؤتمر كان جزءًا من استراتيجية لتعويض تراجع نفوذها.

ما يثير القلق هو أن المؤتمر ضم مجموعة من الأفراد الذين يُعتبرون في نظر الكثيرين منبوذين أو خارجين عن الإجماع الوطني. هؤلاء الأفراد، الذين فشلوا في الماضي في تقديم حلول حقيقية لأزمات السودان، يحاولون الآن تقديم أنفسهم كمنقذين للوطن. هذه المحاولة تبدو وكأنها إعادة تدوير للنخب القديمة بأسماء جديدة، دون أي رؤية واضحة أو برامج عملية لمعالجة الأزمات العميقة التي يعاني منها السودان.

الرفض الواضح من الدول العربية المذكورة يعكس قلقًا إقليميًا من أي محاولات لتقسيم السودان أو إضعاف حكومته الشرعية. هذه الدول تؤكد دعمها لوحدة السودان واستقراره، وتعتبر أن أي حكومة موازية ستزيد من تعقيد الأوضاع وتؤجج الصراعات الداخلية. كما أن هذه المواقف تعكس أيضًا رغبة في الحفاظ على التوازنات الإقليمية، خاصة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة ككل.

من الضروري أن تعي القوى السياسية في السودان، وكذلك المجتمع الدولي، أن الحلول الحقيقية لأزمات البلاد لن تأتي من خلال إعادة تدوير النخب الفاشلة أو إنشاء حكومات موازية مدعومة من الخارج. بل يجب أن تأتي من خلال تعزيز الحوار الوطني الذي يضم جميع الأطراف الفاعلة، مع التركيز على مصلحة الشعب السوداني وضمان استقرار البلاد ووحدتها. فقط من خلال مثل هذا النهج الشامل يمكن للسودان أن يتجاوز أزماته ويبني مستقبلًا أفضل لأبنائه.

إرسال التعليق

error: Content is protected !!