من الواضح أن السودان إنتقل إلى مرحلة جديدة في التعامل مع الإتحاد الإفريقي ومنظماته المعنية بالأمن والسلام بل ربما جميع منظماته التي ظلت غائبة عن الشأن السوداني خلال الفترات الماضية هذا التعامل فرضته الظروف الصعبة التي عاشتها الحكومة السودانية وهي تحافظ على كيان الدولة قبل الحرب وبعدها، بدأ بالأمس مجلس الأمن والسلم الإفريقي زيارة إلى السودان ، تعد الأولى منذ اندلاع الحرب في السودان حيث وصل وفد رفيع إلى بورتسودان برئاسة السفير محمد جاد سفير جمهورية مصر العربية لدى إثيوبيا المندوب الدائم لدى الإتحاد الإفريقي الرئيس الدوري لمجلس السلم والأمن ، بحثت الزيارة العديد من الملفات أهمها ملف وقف الحرب وإستعادة الأمن و السلام في السودان جراء الحرب التي اشعلتها قوات الدعم السريع المتمردة عقب الإنقلاب الفاشل المدعوم من قوى إقليمي بسند سياسي من بعض القوى الحزبية السودانية التي حاولت من خلاله الاستيلاء على الحكم وإعادة ترتيب المشهد السوداني وفقا للأطماع الاقليمية والدولية.، الوفد الذي جاءت زيارته متأخرة للبلاد حسب مراقبين في فاتحة لقاءاته إلتقى الرئيس عبد الفتاح البرهان الذي عبر عن موقف صارم من الإتحاد الإفريقي ومنظماته من خلال ما كان يرجوه خلال هذه الأزمة التي يعيشها السودانيون والتي كانت مقدماتها معلومة للمنظمة أبلغهم أن توصيف الإتحاد الإفريقي لما حدث في 25 أكتوبر بأنه انقلاب غير دقيق وينافي الحقائق ، كما أكد لهم أن ما تعرض له السودان يمثل استعمارا جديدا وأضاف أن تجاهل الإتحاد الأفريقي للأزمة التي يعيشها شعب السودان ناتجا من عدم معرفته بحقيقة هذه الأزمة.، مبيناً أن جزء من البلاد محتل من مليشيا متمردة بمشاركة مرتزقة أجانب، ومعاونة دول يعرفها الجميع وأشار إلى مهاجمة القوات المتمردة للمدن الآمنة وإنتهاكها لحرمات المواطنين ونهبها لممتلكاتهم وإغتصابها للنساء مبيناً أن كل العالم شاهد ذلك ولم يحرك ساكناً ، وأكد البرهان خلال اللقاء رفضه للسيطرة على السودان بواسطة جهات أجنبية تستخدم القوات المتمردة في حربها ضد البلاد ، وقال (رئيس المجلس السيادي أن هنالك قوة سياسية تريد أن تعود للحكم بأي طريقة قبل أن يعود المواطنون لمنازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة المليشيا المتمردة) كان حديث الرئيس البرهان واضحا وشفافا مع الوفد ونقل خلاله رؤية الحكومة وتوصيفها للحرب الذي يجب أن تحترمه المنظمة الأفريقية، كذلك قال السفير محمد جاد رئيس الوفد في تصريح صحفي( أن هذه أول زيارة لمجلس السلم والأمن للسودان منذ عدة سنوات مبينا أن مصر حرصت منذ بداية رئاستها للمجلس في أبريل الماضي على القيام بهذه الزيارة.، وقال أن الإيضاحات التي قدمها رئيس مجلس السيادة لوفد مجلس السلم والأمن الأفريقي ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية مبيناً أن الوفد أكد دعمه للسودان الشقيق حتى يتم تحقيق السلام بالبلاد وأضاف أن مصر تحرص دوما على ضرورة أن يخرج السودان من هذه الأزمة بخير ، وقال أن اللقاء تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لإستعادة السودان لعضويته في الإتحاد الأفريقي وأضاف لا يمكن أن يمر السودان بمثل هكذا أزمة وتكون عضويته مجمدة في الإتحاد الأفريقي ، هذا الحديث المتعلق بأهمية استعادة عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي حديث جيد يجب أن يتم تنفيذه وهو يعتبر قراءة موفقة للواقع الراهن الذي يتطلب تمتع السودان بعضويته الكاملة في الإتحاد الإفريقي وهو استحقاق يجب أن يؤخذ في الاعتبار إذ أنه يدفع تجاه استعادة الأمن والسلام والمحافظة على كيان الدولة السودانية ، كذلك خلال حديثه أكد السفير محمد جاد أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيسعى لإحلال السلام في السودان ووقف إطلاق النار ودعم تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوداني ، من الواضح أن مجلس الأمن والسلم الافريقي خلال هذه الزيارة للبلاد جاء بصدر مفتوح ورغبة صادقة، للاستماع لوجهة نظر القيادة السودانية وتحفظاتها حول عدد من المواقف المتعلقة بضرورة معاملة السودان كدولة رائدة ضمن المؤسسين للاتحاد الأفريقي وتعلم حدود التعامل الذي يعزز السيادة الوطنية ويحترم قوانين المنظمة وتحافظ عليها ، في ذات السياق قال السفير الزين إبراهيم حسين سفير السودان بإثيوبيا والمندوب الدائم لدى الإتحاد الأفريقي في تصريح صحفي استمعنا له أن زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي تكتسب أهميتها كونها الزيارة الأولى منذ عام 2015م وهي تنبئ عن إرتباط إيجابي جديد للإتحاد الأفريقي بالسودان بعد تعليق عضويته في السادس والعشرين من إكتوبر عام 2021م بعد الإجراءات التصحيحية الخاصة بفض الشراكة مع المكون المدني، مبينا أن وفد المجلس إستمع لشرح تفصيلي من رئيس المجلس السيادي حول مختلف الملفات العسكرية والأمنية والسياسية والإنسانية مشيراً الى أن الوفد عقد لقاءات مهمة مع عدد من المسئولين بالدولة شكلت فرصة للإطلاع على مجمل الأوضاع في السودان ومكنت الوفد من الإلمام بمعلومات حول حقيقة الأزمة.، وأوضح السفير الزين أن جمهورية مصر العربية ترأس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي مبيناً أن الوفد ضم مفوض السلم والأمن والشئون السياسية ومندوب الإتحاد الأفريقي بالسودان السفير محمد بلعيش مبيناً أن هذه الزيارة ستشكل خارطة طريق لإعادة إرتباط السودان الإتحاد الأفريقي، من الواضح أن الزيارة ربما تتبني توصية بأهمية فك تجميد عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي هذا الي جانب ربما الاتفاق على خارطة طريق مبدئية متعلقة بدور المنظمة خلال المرحلة المقبلة لإستعادة الأمن وتحقيق السلام للسودانيين ، الملاحظ أن جميع اللقاء مع الوفد خلت من الإشارة إلى تنفيذ إتفاق جدة للترتيبات الأمنية والإنسانية الموقع في 11 مايو من العام الماضي ، هذا ماعده المراقبين مؤشر الي قرب انتهاء العملية البرية التي بدأها الجيش خلال الأيام الماضية لإستعادة السيطرة وفرض السلام على القوات المتمردة ، كذلك عقد الوفد اجتماعات مكثفة مع المسؤولين بمجلس الوزراء بحضور الفريق ركن بحري مهندس ابراهيم جابر الذي تحفظ على المواقف السالبة لبعض الدول الأفريقية وصمتها عن مايدور في السودان، كذلك خلال الاجتماع النائب العام الفاتح طيفور بحث عدد من الملفات المتعلقة بالأزمة الحالية والممارسات الإنسانية التي تقوم بها قوات الدعم السريع المتمردة، أكد وفد المجلس تضامنه مع الشعب السوداني ودعم مؤسسات الدولة السودانية والتنسيق مع الاتحاد الافريقي واطلاعه على الأوضاع السودانية.، اللافت أن السفير محمد جاد رئيس الوفد وقبل مجيء الوفد لبورتسودان تحدث( للشرق) حول أهمية الزيارة وتوقيتها كذلك حول تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو التي كشف فيها عن فتح قنوات اتصال مع الإتحاد الأفريقي فيما يتعلق بإعداده وتجهيزه لقوات التدخل الرامية إلى حماية المدنيين في السودان،قال إن موقف مصر واضح في هذا الشأن إذ أنها ترفض هذا الاقتراح تماما، قائلا : “هذا الاقتراح ليس جديدا”. وعلى هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر الماضي، دعت بعض الدول الغربية إلى عقد اجتماع بشأن السودان وتم عقد اجتماع و اتفاق بشأن السودان مقترح، وهو ما رفضته مصر والدول الأفريقية الأخرى المعنية رفضا قاطعا.، هذا الموقف الواضح من أهمية الزيارة وتوقيتها والرفض القاطع لمزاعم تدخل قوات دولية في السودان لحماية المدنيين والإيمان القاطع بأهمية أن يسترد السودان عضويته في الإتحاد الإفريقي، يبعث الأمل من جديد في الإتحاد الإفريقي وفي مجلس السلم والأمن الإفريقي إذ أن الحكومة السودانية وجميع الشعب السوداني يتطلعون لدور فاعل وبناء من الإتحاد الأفريقي ومنظماته لدعم السودان في تجاوز الأزمة وإستعادة الأمن والسلام للسودانيين وهذا هو وجه الحقيقة الذي يجب أن ندعمه جميعا والذي يجب أن تبدأ بموجبه المرحلة الجديدة في السودان.، وعلى ضوء ذلك يجب أن يراجع الاتحاد الإفريقي جميع حساباته في السودان تماشيا مع الواقع الجديد الذي استطاع السودانيون فيه استعادة دولتهم بعد إختطاف .
دمتم بخير وعافية.
الجمعة 4 أكتوبر 2024 م.
=====
Face of the truth
Ibrahim Shaglawi
Sudan is nearing the unfreezing of its membership in the African Union.
It is clear that Sudan has moved to a new phase in its dealings with the African Union and its organizations concerned with security and peace, and possibly all its organizations, which have remained absent from Sudanese affairs in recent periods. This engagement has been imposed by the difficult circumstances the Sudanese government has faced, both before and after the war, as it worked to preserve the structure of the state. Yesterday, the African Peace and Security Council began a visit to Sudan, its first since the outbreak of war in Sudan. A high-level delegation arrived in Port Sudan, led by Ambassador Mohamed Gad, Egypt’s Ambassador to Ethiopia, and the Permanent Representative to the African Union, who currently chairs the Peace and Security Council. The visit discussed several issues, the most important being the cessation of the war and the restoration of security and peace in Sudan, following the war ignited by the rebel Rapid Support Forces after their failed coup, backed by regional powers and supported politically by some Sudanese political parties that sought to seize power and reorganize the Sudanese scene according to regional and international ambitions.
The delegation, whose visit is considered late by some observers, held its first meeting with President Abdel Fattah Al-Burhan, who expressed a firm stance towards the African Union and its organizations regarding what was expected during this crisis that the Sudanese people are going through. Al-Burhan informed them that the African Union’s description of what happened on October 25 as a coup is inaccurate and contradicts the facts. He also emphasized that what Sudan is experiencing is a form of new colonialism and added that the African Union’s disregard for the crisis facing the Sudanese people stems from a lack of understanding of the nature of the crisis. He explained that a part of the country is occupied by a rebel militia with the participation of foreign mercenaries, assisted by well-known countries. He pointed out the attacks by the rebel forces on peaceful cities, their violation of citizens’ sanctities, looting of their properties, and the rape of women, stating that the world has witnessed this without taking any action. Al-Burhan also reiterated his rejection of foreign powers controlling Sudan by using rebel forces in their war against the country. He said (the Chairman of the Sovereign Council) that there are political forces eager to return to power by any means before citizens can return to their homes and areas occupied by the rebel militia.
President Al-Burhan’s message to the delegation was clear and transparent, conveying the government’s vision and its stance that should be respected by the African organization. Ambassador Mohamed Gad, head of the delegation, said in a press statement (this is the first visit by the Peace and Security Council to Sudan in several years, and that Egypt has made it a priority since it assumed the presidency of the council in April to carry out this visit). He added that the clarifications provided by the Chairman of the Sovereignty Council to the African Peace and Security Council delegation helped to better understand the dimensions of the Sudanese crisis, noting that the delegation reaffirmed its support for Sudan until peace is achieved in the country. He added that Egypt always emphasizes the necessity for Sudan to emerge safely from this crisis. The meeting also touched upon the need to create the conditions for Sudan to regain its membership in the African Union, emphasizing that Sudan cannot go through such a crisis while its membership in the African Union remains frozen.
This discussion about the importance of restoring Sudan’s membership in the African Union is a positive and necessary step that should be implemented. It is a recognition of the current reality, which requires Sudan to fully enjoy its membership in the African Union, a right that should be taken into consideration as it helps in restoring security and peace and preserving the structure of the Sudanese state. During his remarks, Ambassador Mohamed Gad also confirmed that the African Peace and Security Council would work to bring peace to Sudan, facilitate the ceasefire, and support the delivery of humanitarian aid to the Sudanese people. It is clear that the African Peace and Security Council arrived with an open mind, ready to listen to the Sudanese leadership’s perspective and its reservations regarding several positions, including the need to treat Sudan as a pioneering state among the founders of the African Union while respecting the boundaries of engagement that uphold national sovereignty and the laws of the organization.
In this context, Sudan’s Ambassador to Ethiopia and Permanent Representative to the African Union, Ambassador Al-Zein Ibrahim Hussein, said in a press statement we listened to that the African Peace and Security Council’s visit is significant as it is the first since 2015. He noted that it signals a new positive engagement between the African Union and Sudan after its membership was suspended on October 26, 2021, following corrective measures related to ending the partnership with the civilian component. He indicated that the council’s delegation received a detailed briefing from the Chairman of the Sovereign Council on various military, security, political, and humanitarian issues, noting that the delegation held important meetings with several state officials, giving them a comprehensive understanding of the situation in Sudan and enabling the delegation to acquire information on the reality of the crisis. Ambassador Al-Zein explained that Egypt currently chairs the African Peace and Security Council and that the delegation included the Peace and Security Commissioner, the political affairs official, and the African Union’s Ambassador to Sudan, Mohamed Belalish. He noted that this visit would set a roadmap for re-establishing Sudan’s ties with the African Union.
It is clear that the visit may lead to a recommendation on the importance of unfreezing Sudan’s membership in the African Union, and possibly an agreement on a preliminary roadmap for the organization’s role in the next phase of restoring security and achieving peace for Sudanese citizens. Observers noted that all the meetings with the delegation did not mention the implementation of the Jeddah Agreement for security and humanitarian arrangements, signed on May 11 of last year. This was seen by some as a sign that the ground offensive initiated by the army in recent days to regain control and impose peace on the rebel forces is nearing its end. The delegation also held intense meetings with officials from the Council of Ministers, including Lieutenant General Engineer Ibrahim Jaber, who expressed reservations about the negative positions of some African countries and their silence on the situation in Sudan. During the meeting, Attorney General Fath El Tayfor discussed several files related to the current crisis and the humanitarian violations committed by the rebel Rapid Support Forces. The council delegation expressed solidarity with the Sudanese people and support for the Sudanese state institutions, pledging to coordinate with the African Union to monitor the situation in Sudan.
Notably, before the delegation arrived in Port Sudan, Ambassador Mohamed Gad, the head of the delegation, spoke to Al-Sharq about the importance and timing of the visit, as well as the remarks made by the U.S. Special Envoy to Sudan, Tom Perriello, who revealed that channels of communication had been opened with the African Union regarding preparations for deploying intervention forces to protect civilians in Sudan. He said Egypt’s position on this matter is clear, rejecting this proposal entirely, stating: “This proposal is not new.” On the sidelines of the United Nations General Assembly sessions on September 25, some Western countries called for a meeting on Sudan, where a proposed agreement on Sudan was discussed, which Egypt and other concerned African countries flatly rejected. This clear position on the importance of the visit and its timing, and the firm rejection of international forces intervening in Sudan to protect civilians, reflects a renewed hope in the African Union and its Peace and Security Council. The Sudanese government and all the Sudanese people look forward to an active and constructive role from the African Union and its organizations in supporting Sudan to overcome the crisis, restore security, and achieve peace for the Sudanese people. This is the face of the truth that we should all support, and upon which the new phase in Sudan should begin. Based on this, the African Union must review all its calculations regarding Sudan in line with the new reality in which the Sudanese people have succeeded in reclaiming their state after its abduction.
Best regards and good health.
Friday, October 4, 2024
Shglawi55@gmail.com