جلسات العصف الذهني ترسم ملامح استراتيجية إعادة إعمار ولاية الخرطوم (2026 – 2036م)..

تقرير-عمار زكريا

تشهد ولاية الخرطوم مرحلة مفصلية تتطلب استجابة تخطيطية غير مسبوقة لتجاوز آثار الحرب وإعادة بناء ما تهدّم من بنى تحتية وخدمات ومؤسسات، في ظل تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة. وفي هذا السياق، شرعت الأمانة العامة لحكومة الولاية والمجلس الأعلى للاستراتيجية والمعلومات في تنفيذ سلسلة من جلسات العصف الذهني، بهدف تطوير استراتيجية شاملة لإعادة الإعمار والتعافي تمتد لعشر سنوات، وهي الأولى من نوعها بعد الحرب.إكمال مراجعة 35 وحدة ولائية…اختتم المجلس الأعلى للاستراتيجية والمعلومات اليوم أعمال جلسات العصف الذهني الخاصة بوحدتي الأمانة العامة لحكومة الولاية والمجلس الأعلى للاستراتيجية والمعلومات، ليصل عدد الوحدات التي استوفت عمليات المراجعة والتحديث الاستراتيجي إلى 35 وحدة ولائية.وتأتي هذه الخطوة التزاماً بقانون الاستراتيجية والمعلومات لسنة 2017م، الذي يُلزم وحدات الولاية بمراجعة وتحديث خططها وفقاً للمتغيرات الطارئة والتحولات الراهنة.تداعيات الحرب تستدعي رؤية طويلة المدى…الحرب الأخيرة التي شهدتها الولاية تركت آثاراً عميقة على القطاعات الحيوية كافة، بما شمل البنية التحتية، الخدمات الأساسية، الإنتاج المحلي، وسوق العمل. وفرض هذا الواقع ضرورة إعادة صياغة رؤية استراتيجية تُعنى بإعادة البناء، وتحسين الخدمات، واستعادة المؤسسات لقدرتها الوظيفية، إضافة إلى إتاحة الظروف المناسبة لعودة النازحين والمقيمين الذين غادروا الولاية.فريق استراتيجي لتحويل المقترحات إلى وثيقة موحدة…وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور عصام بطران، الأمين العام للمجلس الأعلى للاستراتيجية والمعلومات، أن جميع وحدات الولاية رفعت مقترحاتها بعد اكتمال جلسات العصف الذهني، ليبدأ الفريق الاستراتيجي المُشكّل بموجب القرار رقم (6) لسنة 2025م في تنسيقها وتحويلها إلى وثيقة استراتيجية متكاملة.وأكد بطران أن المرحلة الأولى من إعداد مسودة استراتيجية إعادة الإعمار والتعافي (2026 – 2036م) اكتملت بنجاح، تمهيداً لمرحلة القراءتين الأولى والثانية قبل عرض المسودة على مجلس حكومة الولاية لاعتمادها.وبيّن أن الاستراتيجية لن تكون مجرد وثيقة نظرية، بل ستستند إلى بيانات دقيقة وتحليل موضوعي، مع مراعاة خصوصية كل قطاع لضمان التنفيذ الفعلي والفعّال. وتشمل الاستراتيجية خططاً للتعافي الاقتصادي والاجتماعي، وإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية، وتحسين الخدمات العامة في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والنقل.الحكومة: الاستراتيجية ستوجّه أولويات الولاية لعشر سنوات…من جهته، أكد محمد أحمد الحاج، الأمين العام لحكومة ولاية الخرطوم بالإنابة، خلال تفقده الجلسة الختامية، أن هذه الجلسة تُعد محوراً مهماً في العملية التخطيطية، باعتبارها خاصة بآخر وحدتين في منظومة العمل الاستراتيجي على مستوى الولاية.وأوضح الحاج أن الأمانة العامة والمجلس الأعلى للاستراتيجية والمعلومات تقع عليهما مسؤولية ضمان انسجام الخطط القطاعية مع الرؤية الكلية للولاية، بما يعزز تكامل الجهود وتحقيق أكبر قدر من التناغم بين الوحدات المختلفة.وأضاف أن الخطة الاستراتيجية الجاري إعدادها ستشكّل مرجعاً أساسياً لمسار الولاية خلال العقد المقبل، إذ ستحدد أولويات العمل الحكومي، وتوجه الاستثمارات، وتضع خارطة طريق واضحة لإعادة بناء ما دمرته الحرب. كما ستسهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين من خلال تحسين الخدمات وتشجيع العودة الطوعية للنازحين.مرحلة ما بعد الإجازة: مشروعات وتنمية وشراكات…وتتوقع الأجهزة المختصة أن تشهد المرحلة التي تلي إجازة الاستراتيجية إطلاق حزمة من المشروعات التنموية والخدمية وفق جدول زمني متدرج، مع تركيز خاص على إعادة تأهيل البنية التحتية ودعم الفئات المتضررة.كما ستعمل الولاية على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية للمساهمة في جهود الإعمار، إضافة إلى تطوير نظم المعلومات لدعم اتخاذ القرار.خطوة مهمة نحو تعافٍ مستدام…وباكتمال جلسات العصف الذهني، تكون ولاية الخرطوم قد وضعت لبنة أساسية في مسار التخطيط العلمي لإعادة الإعمار، متقدمة نحو مستقبل يقوم على التنمية المستدامة، والتخطيط طويل المدى، والقدرة على تجاوز آثار الحرب خلال الفترة (2026 – 2036م).

إرسال التعليق

You May Have Missed

error: Content is protected !!