كنا قد ابتدرنا مقالنا السابق بتفاؤل.. حذر بعد قراءة لعدد من شواهد الساحة السياسية وبعض التسريبات كنا أملين أن تخرج المباحثات بين وفدي الحكومة السودانية والولايات المتحدة الأمريكية في جدة إلى نتائج إيجابية تساعد في استجابة الحكومة لمنبر جنيف لإنهاء الحرب.. إلا أن وزير الإعلام جراهام عبدالقادر كشف فى بيان له عبر تلفزيون السودان عدم مشاركة السودان فى مفاوضات جنيف لعدد من الأسباب أجملها.. في عدم إلتزام الجانب الأمريكي بتنفيذ مقررات جدة في مايو 2023م.. وإصرار الجانب الأمريكي على مشاركة دولة الأمارات كمراقب ذلك الذي ترفضه حكومة السودان التي مازالت تنتظر رد مجلس الأمن حول طلب جلسة لمناقشة ضلوعها في تمويل الحرب لصالح التمرد.. كذلك عدم توضيح مبرر مقنع لإنشاء منبر جديد خلاف منبر جدة.. الذي وصل فيه الجيش إلى إتفاق ملزم مع قوات الدعم السريع المتمردة.. بإخلاء الأعيان المدنية وبيوت المواطنين وفتح مسارات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية.. للأسف هذا الواقع يسنده خلاف كبير في الداخل السوداني حيث مازالت أطراف العملية السياسية في السودان تحاول الاستثمار في الحرب والتكسب السياسي منها.. مما خلق واقع شديد التعقيد للوصول إلى سلام.. يصعب معه تجنيب البلاد احتمالات المواجهة مع المجتمع الدولي.. الذي بدأ واضحا انحيازه لعملية سلام شاملة لا تتجاوز قوات الدعم السريع المتمردة وداعميها في تنسيقية تقدم والتي تمثل طرفا اصيلا في اندلاع الحرب التي تفجرت في 15 أبريل من العام الماضي.. جراء المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادتها هذه القوات المتمردة بالرغم من ذلك استطاعت تنسيقية تقدم بصورة أو بأخرى أن تقدم نفسها للمجتمع الدولي بإعتبارها تمثل رمزية الحكم المدني متكأة على رصيد من العلاقات المشبوهة والطامعة.. والمساندة من طرف خفي للانقلاب نفسه.. والدليل التوصيف المخل الذي وصفت به الحرب أنها بين جنرالين.. والانحياز الواضح للتمرد الذي افشلت كل محاولات الحكومة في ادانته وتوصيفه بالمليشيا رغم الادانة الدولية من عدد من المنظمات الإقليمية والدولية.. بالمقابل هناك غياب ظاهر للأحزاب والكيانات السياسبة الوطنية الداعمة للجيش على الساحة الإقليمية والدولية.. هذا الغياب شكل عليها ضغط كبير وعلى مشروعها السياسي.. كذلك على الجيش في حربه ضد التمرد.. حيث فشلت هذه القوى في تقديم نفسها بصورة جيدة للمجتمع الدولي لخدمة القضية الوطنية بالرغم من وجود قيادات في صفوفها مؤثرة وفاعلة لها رصيد جيد من الخبرة والعلاقات الخارجية.. أيضا هناك غياب للتيار الإسلامي المساند للجيش من الساحة الدولية.. لم يستفيد حتى الآن من علاقاته الخارجية كما متوقع.. حيث كان بإمكانه توظيفها لصالح دعم الجيش بصورة أكثر تأثيرا.. إلا أنه بدأ متحفظا حذرا لقفل الباب أمام الاتهامات التي تربط بينه وبين اندلاع الحرب.. واكتفي بالدفع الداخلي عبر استنهاض شبابه والشباب السوداني للدفاع عن البلاد أمام الانتهاكات الواسعة التي يقوم بها التمرد ضد المدنيين في عدد من القرى والمدن السودانية.. إذا سألت كل هذه الكيانات الوطنية السياسية عن هذا الغياب من المحيط الإقليمي و الدولي سيقولون لك أنهم لا يسمعون لنا لأنهم بالأساس يعلمون اننا لسنا ضمن مشروعهم الهادف لتفكيك البلاد والتحكم في قرارها.. إذا عليكم بالبحث عن من يستمع لكم.. هناك.. من يؤمنون بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول والشعوب.. ويعرفون كيف يتم تبادل المنافع والمصالح لفائدة الجميع.. هذا الاختلال في التأثير الخارجي بين المجموعتين والذي يجب تداركه اليوم قبل الغد.. أوجد ضغط كبير على القوات المسلحة السودانية.. وجعلها كمن يبدو معزولا خارجيا لأن التواصل الخارجي السياسي بالأصل من صميم دور الأحزاب السياسية التي تمثل الحاضنة الوطنية للجيش في هذه المرحلة الصعبة.. في جانب آخر وصفه مراقبون.. بالتحضير للمرحلة المقبلة وفي تطور مهم اجتمع عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق مهندس بحرى إبراهيم جابر مع سفراء.. روسيا.. والصين.. وقطر.. أكد جابر خلال الإجتماع تمسك الحكومة بإتفاق جدة الموقع في 11 من مايو 2023م وضرورة تنفيذ الالتزامات الواردة فيه.. وقدم لهم شرحاً مفصلاً حول الأوضاع فى السودان والجهود التى تقوم بها الحكومة السودانية من أجل احلال السلام والاستقرار بالبلاد.. كذلك أشار الى أن الحكومة تسلمت موخراً دعوة من وزير الخارجية الأمريكي للمشاركة فى مفاوضات السلام بجنيف.. وقدم رؤية السودان لإستئناف أي محادثات من شأنها الوصول إلى سلام.. وأكدت المجهودات التى قامت بها الحكومة لتسهيل عمل المنظمات الدولية التي تقدم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.. خاصة فيما يتعلق بتأشيرات الدخول وفتح المعابر وأذونات العبور والجمارك.. عليه يرى المراقبون بات من المهم أن يتناغم العمل السياسي مع العسكري مع التعبئة الجماهيرية لاسناد خيارات الحكومة الداعية إلى الالتزام باتفاق جدة كمدخل لاحلال السلام.. ولتغير مفهوم سلطة الأمر الواقع التي يسعى البعض إلى تكريسها.. وحتي لايتم تعقيد المشهد السياسي أكثر مما هو معقد.. كذلك هناك إجراءات مهمة يجب القيام بها.. بما أن السلطة الآن هي للجيش الذي يجد تأييد شعبي واسع لماذا لا يمضي في تعيين حكومة مستقرة بدلا من المكلفة انطلاقا من هذا التأييد على الأقل تستطيع ملء الفراغ السياسي.. وتتقدم للتعامل مع المجتمع الدولي.. وتكون هذه إحدى أهم الخطوات التي يمكن أن تواجه بها البلاد المرحلة القادمة التي تنشط فيها مساعي الداعمين للتمرد لفرض واقع جديد مستخدمين فيه عصا المجتمع الدولي.. كذلك يجب أن يتم التفكير الجاد لتطوير منبر جدة بإضافة داعمين جدد من الدول الشقيقة والصديقة يؤمنون بأهمية السلام في السودان دون إملاءات.. أيضا على الحكومة السعي لتأمين موقفها عبر تحالفات إقليمية ودولية ممكنة وغير مشروطة ظلت مساندة للسودان في أوقات سابقة ممثلة في روسيا والصين وايران وتركيا وقطر.. كذلك يجب إعادة النظر في ترتيب أمر العمليات العسكرية في الميدان الحربي بدء بطريقة إعلام الحرب التي توجب اشراك الناس جميعا من خلال ترجمة شعار جيش واحد شعب واحد إلى واقع عملي باستنهاض كل قطاعات المجتمع.. وانتهاء بالتكتيكات التي تجعل اعتبارا للأرض.. فإذا تم تحرير للخرطوم ومدني وسنجة أو أيا من ولايات دارفور سوف يغير ذلك في معادلة فرض السيطرة والتفاوض.. واحلال السلام.. هذه هي الخيارات المتاحة لمواجهة محتملة مع المجتمع الدولي لمجابهة كل التحديات الهادفة لفرض السيطرة وفرض حلول جاهزة وفقا لرؤية الداعمين للتمرد.. لذلك يظل هذا وجه الحقيقة التي يمكن أن تعجل بنهاية الحرب طالما اختارت حكومة السودان هذا الطريق الصعب الذي يحتاج إلى الصمود وإلى توحيد الجبهة الداخلية.. وإلى تهيئة الرأي العام لحرب قد تطول.. وهذا يمثل دخول الحرب في مرحلة جديدة.
دمتم بخير وعافية..
الثلاثاء 13/أغسطس /2024 م.
Shglawi55@gmail.com
(ضل التاية) بروفيسور ابراهيم محمد آدم: ألهذا جئت يا بريللو؟!
Spread the loveالمندوب غير السامي الأمريكي للسودان الذي سمي بالمبعوث هو امتداد لذات النمط الاستعماري الغربي الذي كان يسمي مناديبا في بعض الدول في ظل وجود سفراء وهذا نهج للاسف وافقت عليه حكومة الإنقاذ السابقة ولا يزال البلد يتجرع اليوم سمه زعافا.وما كان مبتدأ أن توافق الحكومة على استقبال مثل هؤلاء المندوبين الا في اطار المعاملة بالمثل وما أكثر المشاكل التي تعانيها امريكا وتتطلب ذات المكيالولسان حال…