ربة منزل: فقدت جنيني بسبب المليشيا ولكن إرادة الله هي النافذة

مهندس اتصالات: المليشيا تهجمت على اسرتي واخذوا كل متعلقاتي ثم اجبروني على مغادرة المنزل

إعداد: محجوب أبوالقاسم
في خضم الحرب التي اجتاحت السودان يعيش المواطن في الولايات واقعا شديد القسوة ومعاناة لاتنتهي،  وتتجاوز هذه المعاناة اليومية حدود التحمل والصبر الا انهم تحملوا هذه الصعاب وتغلبوا عليها.
بينما تتكسر ملامح الحياة الطبيعية يبقى المواطن في قلب المشهد مضحيا بكل ما يملك في سبيل الحفاظ على كرامته ووجوده.
بين الصمود في وجه الأزمات الاقتصادية، والأمل في غد أفضل ومشرق، تبرز التضحيات التي قدمها المواطن  كرمز للثبات والإرادة التي لا تنكسر، رغم قسوة الحرب وتعقيدات الواقع، هنالك شخصيات نحتت اسمها بأحرف من ذهب نستنطق منها نماذج في هذه المساحة لننقل وقائع من حياة “الناس والحرب”.

*الم ومعاناة*
الأستاذة عبير طه ماهر من مواطني الخرطوم حي الطائف التقتها الناس والحرب وحكت معاناتها مع الايام الاولى للحرب.. قالت عبير قبل الحرب كنت اعاني من مشاكل صحية واتبع نظام صحي محدد وفي الشهر الخامس من الحمل وكانت الامور افضل والحياة تسير بشكل عادي وبعد قيام الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل وإطلاق الرصاصة الاولى كنت وقتها في منزلي بالطائف مربع (22) فكانت المنطقة صعبة جدا ونسمع إطلاق الرصاص من كل جانب وأصوات الطيران محلقة فوق رؤسنا ، فابني الصغير كان عمره عام واحد فقط حدثت له بعد ذلك فوبيا من هذه الأصوات وحتى الآن يتعالج من هذه الآثار.

*اصل الحكاية*
تحدثت الي عبير بكل أسى وحكت لي تجربتها التي استمرت فقط لأول اسبوعين في الحرب ولكن بالمعاناة التي عانتها كأنها خمسة أشهر، فأضافت عبير قائلة: مكثنا 15 يوما في الطائف وكنا محاصرين من كل النواحي وانقطعت جميع الخدمات لا كهرباء ولا مياه ولا اي من ابسط مقومات الحياة.
قالت عبير بدأت حالتي الصحية في تدني بعد الخمسة عشر يوم التي مكثنا فيها في المنزل وبعد الذي تعرضت اليه من آلم وقسوة قررنا الخروج من الطائف وكنا نريد التوجه الى منزل الاسرة في محلية بحري وعندما خرجنا من الطائف كنا نشتم رائحة الجثث في الشوارع وكان منظر قاسي جدا على وعلى اطفالي وكنا بنبحث الطرق التي لاتوجد فيها جثث ملقاة على الأرض فكان المنظر مؤلم حقيقة،  والأمر الثاني الذي كنت مرعبة بسببه هو انتشار قوات المليشيا عبر ارتكازات ضخمة على طول الطريق وكمية من المعناة والتعامل مع الناس بغلظة وتهور مع الاولاد وبالفعل وبعد صعوبة بالغة وصلنا
إلى منزل أسرتي في مدينة الخرطوم بحري وكانت المستشفيات  في هذه الفترة تعمل لكن كل الأطباء رفضوا التعامل مع الحالة الصحية التي وصلت لها، فظللنا نبحث عن المستشفيات حتى وصلت إلى مستشفى الجيلي وكان مسيطر عليها مليشيا الدعم السريع وتم تحويلي إلى مستشفى النو بمحلية كرري .
أضافت أستاذة عبير بأن الطريق من الجيلي لامدرمان كان في غاية الخطورة وكانت الاعيرة النارية الطائشة وسماع أصوات المدافع والدانات .
تزامن وصولي إلى مستشفى النو بامدرمان سقوط عدد من الدانات العشوائية انقذتني رعاية الله وكرمه.
بعد ذلك كل المنافذ اغلقت في وجهنا فكان التفكير السائد في هذا الظرف السفر خارج السودان فاخترنا  جمهورية مصر العربية  لتكملة العلاج والإشراف على حالتي الصحية ولكن بكل أسف فقدت جنيني وسلف وذلك بسبب هذه المليشيا المتمردة ولكن ماراده الله نرضى به.

*رحلة السفر الى مصر*
كانت الرحلة شاقة جدا إلى جمهورية مصر عن طريق البر بصورة رسمية حتى وصلنا إلى مدينة حلفا ومكثنا فيها ثلاثة أيام حتى اكملنا إجراءات التأشيرة ومن ثم واصلنا المسير إلى أن دخلنا الحدود المصرية ، حتى استقرت حالتي واحمد الله على كل حال وتمنياتي أن نعود إلى وطننا السودان وان ينصر قوات شعبنا المسلحة قريبا بإذن الله.

*رواية المهندس*
احمد حسن من مواليد شرق النيل يعمل في وظيفة مهندس شبكات بأحدى الشركات ، قال لما قامت الحرب في منتصف أبريل ٢٠٢٣م كنت في شرق النيل  وكنت مثلي واي شخص وعائلته منتظر العيد حتى تعم الفرحة لاسرتي مثل كل الأعياد ولم أكن متوقع نشوب هذه الحرب اللعينة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع نهائيا ، وعندما قامت الحرب افتكرتها حاتستمر يوم او يومين بالكثير وحتخلص الحكاية.

*مضايقات المليشيا*
اضاف المهندس احمد بانه واجهتني مشاكل كثيرة مثلي ومثل اي سوداني من قبل مليشيات الدعم السريع فاقتحموا منزلنا ولكن دي كانت اول مرة كانوا  بفتشوا في اوراق ثبوتية ولم يعثروا عليها .
وكانت المليشيا بتتعامل معانا معاملة عادية جدا في بادي الأمر لكن بدأوا  في الفترة الأخيرة  بمضايقات للمواطنين وتفتيش في الشوارع واضاف احمد مثلا لو انت ماشي على السوق يفتشوك ويسالوك عدد من الأسئلة انت من وين وشغال شنو وبطاقتك وين ولو لقوا اي مستند تابع لاي جهة نظامية  يعتقلوك طوالي.

*رحلة نزوح*
حكى لي احمد رحلة نزوحه وقال نزحت اولا الى ولاية الجزيزة بالتحديد محلية المناقل ومكثت فيها فترة 15 يوما فقط حتى ناس الشركة التي اعمل بها اتصلوا علي وقالوا  لي لازم تبلغ الى اقرب فرع للشركة في اي ولاية قريبة منك فكانت رحلتي الى الولاية الشمالية بالتحديد دنقلا حيث مكثت فيها فترة طويلة جدا حتى عدت  مرة اخرى للخرطوم. واضاف احمد مكثت في الخرطوم فترة ما يقارب اربعة اشهر فكانت الحياة صعبة جدا جدا فكل مرة الوضع يزداد سوءاً ولم استطع العيش في شرق النيل فقررت العودة مرة ثانية الى الولاية الشمالية لكن قبل الرجوع حدث ان مليشيا الدعم السريع تهجمت على اسرتي وعلى بيتي واخذوا كل متعلقاتي ثم اجبروني على مغادرة المنزل نعم غادرت المنزل في نفس اليوم ثم سافرت الى الولاية الشمالية ومنها  كان القرار الصعب وهو اللجوء الى جمهورية مصر العربية وكان من اصعب القرارات وذلك كله من أجل أبنائي واستقرارهم وبالفعل ذهبت الى مصر حتى  يكمل ابنائي تعليمهم ويعيشوا في أمن وسلام وطمانينة  والحمد لله مازلت لهذه اللحظة في مصر .

*شكرا مصر*
من هنا اريد توجيه رسالة الى القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمقاومة الشعبية ان تحافظوا على الوطن وان تكنسوا المرتزقة منه حتى يصبح معافا ومستقر وامن ودعواتي لكم بالنصر العاجل وان يثبت اقدامكم ويزيل عنا وعن السودان الغمة وان نعود  الى بيوتنا امنين سالمين غانمين وقريبا بإذن الله
ورسالتي الثانية الى مصر حكومة وشعبا لاستقبالكم لنا.. يامصر يااخت بلادي ياشقيقة.