الفحل : توصية لجنة تقصي الحقائق تهدف إلى التدخل العسكري تحت زريعة حماية المدنيين
خبير سياسي: قوى سياسية تحاول أن تصور للمجتمع الدولي أن الحرب تتطلب تدخل دولي وفقا للبند السابع
تقرير : محجوب ابوالقاسم
في ظل استمرار الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، تتفاقم معاناة المدنيين بشكل غير مسبوق، وفي خضم هذا الوضع الكارثي تلوح في الأفق نية سؤ للأمم المتحدة لإرسال قوات دولية تزعم لحماية المدنيين ، إلا أن ذلك فصل جديد من فصول التأمر ضد السودان بمدخل حياة الإنسان ، إلا أن الشعب السوداني واعي لذلك ولن يقبل بالتأمر مجددا بعد مؤامرة هذه الحرب اللعينة.
الضغط على الحكومة السودانية
كشفت المحادثات الأخيرة التي بدأت بمبادرة من الولايات المتحدة في جنيف عن هدفها الحقيقي.
وقالت مصادر مطلعة ان القوى الغربية استخدمت منبر جنيف تحت ستار الحوار حول السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة لزيادة الضغط على حكومة السودان وإضفاء الشرعية على مليشيا الدعم السريع.
وكانت هنالك تفاصيل خلف الستار في اجتماعات جنيف قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وان الحقيقة كانت خلافًا للتصريحات الرسمية بان المناقشات تناولت جهود حل النزاع، فقد تم التداول حول إعداد عقوبات جديدة ضد السودان وعزله عن الدعم الدولي وان الهدف الرئيسي لاجتماع جنيف كان حرمان السودان من الدعم الاقتصادي والدبلوماسي.
الغريب في الامر ان هناك تدور مناقشات في الدوائر الغربية حول منع المساعدات الدولية للسودان وإضعاف التعاون مع الشركاء الرئيسيين مثل الصين وروسيا، واذا تم ذلك سيكون السودان مهددا بالعزلة التامة على الساحة العالمية.
رفض شعبي
الاستاذ خالد الفحل القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي قال لقد أثارت توصيات لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان حالة استنكار واسعة فى الوسط السياسي والشعبي فى السودان ومختلف دول العالم وقد صدرت عدد من بيانات الرفض لهذه التوصية، ونظم السودانيين فى دول المهجر وقفات احتجاجية امام مجلس حقوق الإنسان فى جنيف وهذه التوصية تهدف إلى التدخل الخارجي وإيجاد غطاء للمحافظة على المليشيات فى مواقع انتشارها تحت زريعة حماية المدنيين، وأضاف الفحل بان اللجنة اعتمدت على تقارير تفتقد إلى المصداقية حيث أن المواطنين يلجاؤون إلى مناطق سيطرة الجيش بحثاً عن الطمأنينة والسلامة والاستقرار بخلاف المناطق التى تنتشر فيها المليشيات وترتكب فيها الجرائم اللا إنسانية ضد المواطنين العزل جرائم القتل والاغتصاب والتهجير والسرقة كل هذه الانتهاكات تحدث فى مناطق انتشار المليشيات .
التوصية تفتقد إلى المصداقية والهدف منها هو تجريم المؤسسة العسكرية السودانية التى تمثل سيادة الدولة المسؤولة من حماية المدنيين بموجب القانون والدستور.
وأكد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاستاذ خالد الفحل بان الجيش الوطني ظل يتحاشى استهداف المليشيات فى مناطق تجمع المواطنين خوفا من وقوع الضحايا وتتعمد المليشيات السيطرة على بيوت المواطنين وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ووضع المواطنين دروع بشرية، لذلك توصية لجنة تقصي الحقائق لا تمثل مرتكز حقيقي وإنما تهدف إلى التدخل العسكري تحت زريعة حماية المدنيين وكانت الأولوية أن يقوم مجلس الأمن الدولي بالنظر إلى تقرير لجنة الخبراء الذى رصد انتهاكات المليشيات ومخالفة القرار ١٥٩١ بمنع دخول السلاح إلى دارفور ومعاقبة دولة الامارات التى تقوم بتاجيج الصراع بدعم المليشيات بالسلاح والمرتزقة ..
واضاف الفحل قائلا لقد ظل صمت المجتمع الدولي على انتهاكات المليشيات وعدم تصنيفهم جماعات إرهابية أمر مفضوح ويغضون الطرف عن كل ذلك بحثا عن إيجاد موطئ قدم للمليشيات وافلات الدولة الراعية لهم من العقوبة.
وأكد الفحل بان الشعب السودانى لن يقبل المساس بسيادته والتدخل فى شؤونه الداخلية وعلى مجلس حقوق الإنسان ومجلس الامن أن يفعل القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وادانة انتهاكات مليشيا الدعم السريع المتمردة وتصنيفهم جماعات إرهابية هذا هو الموقف المطلوب من المجتمع الدولي دون المساس بسيادة الدولة.
أجندة خفية
الولايات المتحدة وحلفائها لديهم أجندة خفية تهدف إلى تقويض الحكومة الشرعية التي اتخذت من بورتسودان مقرا مؤقتا لها، ويتم تقديم الاهداف الامريكية تحت راية السلام وحقوق الإنسان، ومن الآليات الأساسية هي الضغط الاقتصادي من خلال العقوبات التي ستؤدي إلى إضعاف موقف البلاد.
وتعتبر محادثات جنيف خطوة أخرى في استراتيجية امريكية طويلة الأمد للسيطرة على الوضع في السودان.
وبدلاً من إيجاد حلول حقيقية لتحسين وضع المواطنين، تسعى الدول الغربية إلى وضع أجندتها السياسية الخاصة، متجاهلة مصالح الدول وسيادتها.
تقوية العلاقة مع روسيا
الخبير والمحلل السياسي والاستراتيجي المهندس محمد محمد عثمان قال من المهمٌ النظر لتوصيات مجلس الامن بموضوعية وفق إطار عمل الأمم المتحدة من ناحية ومن ناحية أخرى الظرف الزماني والمكاني الدقيقين ولما يمكن أن يكون في أي حال من الأحوال من تدخل دولي أو عدمه،وبشكل عام نعم تستطيع الأمم المتحدة إدخال قوات إلى السودان تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إذا توافرت بعض المعطيات مثل تهديد السلم والأمن الدوليين أن كانت الأوضاع في السودان تشكل تهديدًا حقيقيًا للسلم والأمن الدوليين، وأن الجهود السلمية لحل الأزمة قد فشلت وايضا يتطلب الأمر صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يأذن باستخدام القوة، وهذا يتطلب توافق الآراء بين الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة) علي أن يكون القرار مصحوبا بتفويض واضح ومحدد للقوة المناط بها التدخل ويشمل الأهداف والمدة الزمنية للعملية وارى أن هنالك قوى سياسية كثيرة تحاول أن تصور للمجتمع الدولي أن هذه الحرب تتطلب تدخل دولي وفق للبند السابع لكن مايؤسف أن هذه القوى السياسية في الداخل السوداني لاتدرك التباين في موقف الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن ولا تعرف التعامل علي ضؤ هذه التقاطعات أيضا لاتعرف البعد العسكري والعملياتي المعقد في السودان الذي اذا انفجر في حالته القصوي سيؤثر علي المنطقة اجمعها وبالتالي لاتستطيع حتى القوة التي يتم اختيارها حماية نفسها ناهيك من حماية المدنيين.
واضاف عثمان أود أن أشير نظرًا للاختلافات في المصالح بين الدول الأعضاء فمن الصعب تحقيق توافق حول هذه القضية ويأتي ذلك من خلال وجود قوى إقليمية ودولية لها مصالح متضاربة في السودان ايضا تعدد الفاعلين المسلحين والانقسامات السياسية داخل السودان تزيد من تعقيدات الوضع الداخلي مما يفاقم دخول أي قوة للمشكلة بدلا من المساهمة في حلها هذا فوق ذلك كله تكلفة نشر قوات حفظ سلام كبيرة، وتتطلب التزامًا طويل الامد في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية
ويمكننا القول أيضا أن إدخال قوات إلى السودان تحت الفصل السابع هو قرار معقد للغاية ويتطلب تقييمً دقيق وموضوعي ومتأن للوضع. على الرغم من أن الأمم المتحدة تمتلك الصلاحية القانونية للقيام بذلك، إلا أن العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية المعقدة تجعل تنفيذ هذا الخيار أمرًا صعبًا.
وعلى القوى السياسية المتناحرة في السودان أن تعمل علي وحدة السودان وامنه وأمانه كما أعتقد أن الحكومة بحاجة لتقوية علاقاتها الدبلوماسية خاصة مع الجانب الروسي في الوقت الذي تتجه فيه الحكومة بكلياتها شرقا.
إدخال قوات مستقلة إلى السودان… تهديد للسيادة
كان قد أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخرا بيانًا ادعى فيه أن الأطراف المتحاربة في السودان ارتكبا “انتهاكات مروعة” ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
واستنادا لذلك البيان، اقترحت الأمم المتحدة نشر “قوة مستقلة” لحماية المدنيين، الأمر الذي دفع بالمراقبين ابداء مخاوف جدية لتأثير قرار “القوة المستقلة” على سيادة السودان.
وتؤكد الحالات المماثلة في التاريخ أن إدخال قوات أجنبية بحجة حماية المدنيين غالباً ما يتحول إلى تدخل طويل الأمد ينتهك استقلال وسيادة الدولة. وقد أصبح السودان الذي يمتلك موارد طبيعية مهمة، هدفا لاهتمام الدول الغربية التي قد تستخدم الزريعة الإنسانية لتحقيق أهدافها الاقتصادية والسياسية في هذا البلد.
وقد صرحت وزارة الخارجية السودانية بالفعل أنها تعمل مع الصين وروسيا لمنع اعتماد مشروع القرار الغربي. وتدعم هذه الدول سيادة السودان وتعارض التدخل في شؤونه الداخلية.
وقد أشار المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيريلو مؤخرا إلى أنه “في مواجهة المجاعة وانقسام الدولة ، فإن الولايات المتحدة وشركاءها على استعداد لتجاهل البروتوكولات الدبلوماسية لتحقيق نتائج، وهو ما يعتبره بعض الخبراء مؤشرا للمحاولات المحتملة من الولايات المتحدة لتعزيز مصالحها دون أي اعتبار للعوامل المحلية وتطلعات الشعب السوداني.
حيث اكد بعض المراقبون إن اقتراح إدخال قوة محايدة تابعة للأمم المتحدة قد يكون الخطوة الأولى نحو احتلال طويل الأمد للسودان تحت ستار المهام الإنسانية.
وبالنظر إلى الأمثلة العديدة للتدخل الخارجي في النزاعات في الشرق الأوسط وأفريقيا تقود إلى استنتاج واحد، وهو أن مثل هذه المبادرة تحمل خطرا جسيما على السودان.
تقسيم السودان
استمرارا للتدخلات الدولية في السودان مازالت مساعي دول الغرب تطالب بإرسال قوات أممية للسودان تحت ستار حماية المدنيين تمهيدا لوضع البلاد تحت الوصاية، حيث لم يعد خفيا على أحد أن إدخال قوات الأمم المتحدة إلى السودان، والذي تروج له الدول الغربية ليس من اجل مهمة إنسانية كما تدعي هذه الدول بقدر ما هو تهديد حقيقي لوحدة وسيادة البلاد.
تأتي هذه الخطوة مواصلة للنهج الذي تنتهجه الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها من أجل تقسيم وتفتيت السودان وزعزعة البلاد وعدم امانها.
ويمثل دخول قوة تابعة للأمم المتحدة تحت مسمى قوة محايدة لحماية المدنيين سيكون بمثابة وسيلة فعلية لتقسيم البلاد إلى مناطق مما يتيح للقوى الغربية السيطرة على الأراضي والموارد الرئيسية، مما يضعف الحكومة والشعب السوداني.
وسيؤدي ذلك إلى تقسيم جديد للسودان، ويكون حماية السودان وحماية أراضيه تحت حماية شعبه وليس تحت السيطرة اي جهات خارجية تريد تقسيم البلاد.