بحسب متابعاتنا قواتنا المسلحة تعمل جهدها لإستنزاف المليشيا وإهلاكها في الحرب غير المتكافئة التي فُرضت عليها ،
وهذا الأمر ظهر تأثيره بشكل كبير في بعض المناطق وأنعكس أثره على خطوط إمداد المليشيا ،
مايصلنا من القابضين على جمر القضية الذين يطأون الجمر ، لا يأبهون لجوع أو عاصفة أو مطر ، تطمينات بأن الوضع يمضي إلى الأفضل رغم تواجد المليشيا في مناطق عديدة من الخرطوم ، مثل شرق النيل ، حطاب ، الكدرو ، وحصارهم للعيلفون ، وبعض قوة موجودة بالمصفاة ، والصالحة جنوب ام درمان ، وغرب ام درمان التي لم تنحسر عنها المليشيا انحسارا تاما رغم تقدم جيشُنا ،
للذين يتحدثون – مشفقين بلا شك وآملين في سرعة الحسم – نقول بالعودة إلى الوراء عام ومايقارب نصف العام حين واجه الجيش السوداني الذي يبلغ تعداد قوته حوالي مائة ألف، والقوة الحقيقية المقاتلة منها لا تتجاوز الخمسين بالمائة من هذا العدد ،
هذه الخمسين بالمائة من جمُلة جيشنا واجهت مايقدر بحوالي (١٢٠) الف من جنود المليشيا ،
مع العلم بأنه بعد حوالي أربعة أشهر ارتفع عدد القوة المقاتلة من المليشيا إلى قرابة (٦٠٠) الف داخل ولاية الخرطوم وحدها بفعل الفزع وإستنفار القبائل وانضمام من تم إخراجهم من السجون من عتاة المجرمين ،
للذين يتململون من تطاول أجل الحرب (وهم على حق أيضا) نقول إن من المؤكد أن مهمة قواتنا المسلحة في ظل هذا التنامي السرطاني لقوات المليشيا ليست سهلة على الإطلاق ،
أكثر من مليون جندي من قوات المليشيا الأصل الذين كانوا يقاتلون في عموم السودان ، لم يتبقى منهم سوى حوالى عشرة بالمائة وماعداه كما اسلفنا نهابون وكسابة وفارين من السجون من عتاة المجرمين.
هلكت معظم قوة المليشيا الأصلية ، بينما حقيقة وواقع ظل الجيش السوداني محتفظا بقوته ، لم يغادر معسكراته ،
جيشنا منذ بداية الحرب يقاتل الكثرة ، كثرة من شأنها أن تخيف أي كائن.
لكن مع ذلك إستبسلت قواتنا المسلحة وقاتلت في كآفة المحاور مسنودة بدعم شعبي عبر الإستنفار ،
المعارك التي خاضتها قوُاتنا المشتركة في الفاشر أدخلت الرعب في نفوس أفراد المليشيا ولقنتهم دروسا قاسية في الصمود والمواجهة ،
الخطة التي تقاتل بها القوة المشتركة هناك لم تترك للمليشيا مجالا لتقدم أو ادعاء نصر ،
كانت المليشيا تتسلل إلى الفاشر من الأطراف ، فمضى الطيران في ضرب اطراف المدينة وأنباء قواتنا هناك أنها من هجوم إلى هجوم ،
القوات المشتركة لا تغمض لافرادها عين ، هجوم المليشيا الأخير الذي أعدت له وحشدت ماحشدت من قوات ومعدات ومعينات ، وبدأته صباحا ثم أعادت الكرة مساء ، كانت نتيجته خسارة كبيرة في الأرواح والعتاد ، خرج من بقى حيا من المليشيا مهزوما شر هزيمة.
أخبار القتال في الفاشر تجعل المراقب يتنبأ بأن ينجلي الأمر في الفاشر قبل الخرطوم ،
أما سنجة فمتابعاتنا تفيد بأن التقدم نحوها مرهون بتحرير جبل موية.
وجود جبل موية بيد المليشيا يعني أن هنالك خط إمداد مفتوح لها جنوبا حتى الدالي والمزموم ، الأمر الذي ربما يهدد كوستي وربك.
الحديث عن سنجة يبعث الوجع كما الحديث عن معظم أنحاء الجزيرة ، فسنجة سقطت بفعل أبنائها كما الكثير من مناطق الجزيرة ،
أهالي سنجة والجزيرة ، والكثير من مناطق كردفان كانوا بكل أسف وقودا حيا لهذه الحرب اللعينة ، التي لعبت فيها نوايا المليشيا التوسعية واستنهاضها للخلايا النائمة التي جندها الدعم السريع في وقت السلم دورا كبيرا ،
وبقدر ما أود أن أرسل رسالة إعزاز وإكبار لأهلنا في دار حمر بغرب كردفان ، الذين وقفوا وقفة سيظل يذكرها التأريخ ، أعلوا رآية الوطن ، صدعوا بكلمة الحق ، وحملوا سيوفهم وناصروا القوات المسلحة ،
أبناء دار حمر قدموا أربعة آلآف فارس يقاتلون الآن في الصفوف الامامية ،
لعمري هي وقفة ترفعهم إلى مدارج أشرف القبائل بولاية غرب كردفان ، ومثلهم الشرفاء من أبناء المسيرية القابضين على جمر القضية الذين صدعوا بالحق ويقاتلون الآن إلى جانب القوات المسلحة ، ويظل الأمل باق في أن يلحق بهم من هم على الضفة الأخرى ،
من السهل إطلاق شرارة الحرب وايقاد نارها لكن من الصعب التنبوء بمتى تنتهي.
وليس هنالك إنسانا سويا يكره السلام والأمن والإستقرار ،
ليس هنالك إنسانا سويا لا يسوءه الفقد الهائل في الأنفس البشرية بفعل الحرب ، وتدمير بنية البلاد ، والحاق الأذى بكل ماحولنا ،
نتطلع إلى السلام ، سلام العزة والكرامة الذي يحفظ ويصون حق شهدائنا قبل الأحياء .
حفظ الله البلاد والعباد